للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل نصب خبر (كان)، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، وجواب {لَوْ} محذوف، انظر تقديره في الشرح، و {لَوْ} ومدخولها كلام مستأنف كالجملة الاسمية قبله لا محل له مثلها، فهو تذييل لها مفاده بيان شدة العذاب في الآخرة.

{وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧)}

الشرح: {وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ:} يحتاج إليه الناظر المتبصر المعتبر. والمعنى: ولقد وصفنا لهم كل صفة غريبة، كأنها مثل في غرابتها، وقصصنا عليهم كل قصة عجيبة الشأن، كصفة المبعوثين يوم القيامة، وقصتهم، وما يقولون، وما يقال لهم، وما لا ينفع من اعتذارهم، ولا يسمع من استعتابهم، ولكنهم لقسوة قلوبهم، ومج أسماعهم حديث الآخرة لا يتذكرون، ولا يتعظون. انتهى. كشاف في سورة (الروم). وانظر شرح: (مثل) في الآية رقم [١٥] من سورة (يس).

هذا؛ والناس: اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، ورهط.. إلخ، واحده: إنسان من غير لفظه. وهو يطلق على الإنس، والجن، ولكن غلب استعماله على الإنس، قال تعالى في سورة (الناس): {مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ} وأصله: الأناس، حذفت منه الهمزة تخفيفا على غير قياس، وحذفها مع لام التعريف كاللازم، لا يكاد يقال: الأناس، وقد نطق القرآن بهذا الأصل، ولكن بدون لام التعريف، قال تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ} رقم [٧١] من سورة (الإسراء). وقيل: إن أصله: النّوس، ولم يحذف منه شيء، وإنما قلبت الواو ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها.

و (قرآن) مشتق من قريت الماء في الحوض: إذا جمعته، فكأنه قد جمع فيه الحكم، والمواعظ، والآداب، والقصص، والفروض، وجميع الأحكام، وكملت فيه جميع الفوائد الهادية إلى طريق الرشاد، وهو في اللغة مصدر بمعنى: الجمع، يقال: قرأت الشيء قرآنا: إذا جمعته.

وبمعنى: القراءة، ويقال: قرأت الكتاب قراءة، وقرآنا، ثم نقل إلى هذا المجموع المقروء، المنزل على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، المنقول عنه بالتواتر فيما بين الدفتين، وهو المراد هنا. ويحرم على المحدث حدثا أكبر قراءته، وحمله ومسّه، وعلى المحدث حدثا أصغر حمله ومسّه، ولا يمنع من قراءته عن ظهر قلب، قال تعالى في سورة (الواقعة): {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}. {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ:}

يتعظون، فينتفعون بذلك. هذا؛ والترجي في هذه الآية، وأمثالها إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله تعالى لا يحصل منه ترجّ، ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. (لقد): اللام: واقعة في جواب القسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>