للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما قبل ياء المتكلم، المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وحذف الياء هذه إنما هو بالنداء خاصة؛ لأنه لا لبس فيه، ومنهم من يثبت الياء ساكنة، فيقول: يا ربّي، ومنهم من يثبتها ويحركها بالفتحة، فيقول:

يا ربّي، ومنهم من يقلبها ألفا بعد فتح ما قبلها، فيقول: يا ربّا، ومنهم من يحذف الياء بعد قلبها ألفا، وإبقاء الفتحة على الباء دليلا عليها، فيقول: يا ربّ، ففيه خمس لغات ذكرها ابن مالك رحمه الله تعالى بقوله: [الرجز]

واجعل منادى صحّ إن يضف ل‍: «يا» ... كعبد عبدي عبد عبدا عبديا

هذا؛ ويزاد سادسه، وهي البناء على الضم، والقطع عن الإضافة تشبيها له بالنكرة المقصودة، فيقول: «يا ربّ». {نَجِّنِي:} فعل دعاء مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، فيه وجوبا، تقديره: «أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم ضمير متصل في محل نصب مفعول به. {وَأَهْلِي:} الواو: حرف عطف. «أهلي»:

معطوف على ياء المتكلم، أو هو مفعول معه منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مِمّا:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، «فعلى الأولين» مبنية على السكون في محل جر ب‍: «من»، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: نجني وأهلي من الذي، أو من شيء يعملونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر ب‍: «من»؛ إذ التقدير: نجني وأهلي من عملهم، والكلام: {إِنِّي..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ إِنِّي..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣)}

الشرح: {فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} أي: أنجى الله لوطا-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-ومن آمن معه من أهله، ولم يكن معه أحد سوى ابنتيه، فلم يؤمن به أحد لقوله في سورة (هود): {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ} فلم يوجد فيهم رجل رشيد يهتدي إلى الحق، والصواب، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. وانظر (نا) في الآية رقم [٧]. {إِلاّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ:} وهي امرأته، فإنها كانت تسر الكفر، واسمها: واهلة كانت من الغابرين، أي: من الذين بقوا في العذاب، والتذكير لتغليب الذكور على الإناث، مثل قوله تعالى في حق مريم: {وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ} هذا؛ والغابرين جمع اسم فاعل من: غبر الشيء: بقي، وغبر أيضا: مضى، فهو من الأضداد، وبابه

<<  <  ج: ص:  >  >>