دخل. انتهى. مختار. هذا؛ ولذا يمكن أن يقال: في غابر الأزمان، وحاضرها، كما يقال: في غابر الأزمان، وماضيها، وقال أبو ذؤيب الهذلي في رثاء أولاده: [الكامل]
فغبرت بعدهم بعيش ناصب... وإخال أنّي لاحق مستتبع
{ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ:} أهلكناهم. {وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً} أي: وأنزلنا عليهم من السماء مطرا عجيبا، وهو مبيّن في قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} وهذه الحجارة قد عجنت بالكبريت، والنار. هذا؛ ويقال: مطرت السماء، وأمطرت. وقال أبو عبيدة: يقال في العذاب:
أمطرت، وفي الرحمة: مطرت. {فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} أي: بئس المطر الذي أمطره المنذرون، وهم قوم لوط؛ لأنه كان فيه هلاكهم.
قال مجاهد رحمه الله تعالى: نزل جبريل، عليه الصلاة والسّلام، فأدخل جناحيه تحت مدائن قوم لوط، فاقتلعها، ورفعها إلى السماء، ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها، ثم أتبعوا بالحجارة، أي على من كان خارجا من القرى التي قلبها جبريل عليه السّلام. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
تنبيه: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم حذر أمته أن يقع فيهم ما وقع بقوم لوط من العذاب إذا فعلوا فعلهم، وذلك بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «سيكون في آخر أمتي قوم يكتفي رجالهم بالرّجال، ونساؤهم بالنساء، فإذا كان ذلك، فارتقبوا عذاب قوم لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجّيل». ثم تلا آخر آية رقم [٨٣] من سورة (هود): {وَما هِيَ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} وفي رواية عنه، عليه الصلاة والسّلام: «لا تذهب اللّيالي والأيّام حتّى تستحلّ هذه الأمّة أدبار الرجال، كما استحلّوا أدبار النّساء، فتصيب طوائف هذه الأمة حجارة من ربّك».
الإعراب: {فَنَجَّيْناهُ:} الفاء: حرف استئناف. (نجيناه): فعل، وفاعل، ومفعول به.
{وَأَهْلَهُ:} الواو: حرف عطف. (أهله): معطوف على الضمير المنصوب، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {أَجْمَعِينَ:} توكيد للضمير المنصوب وما عطف عليه، فهو منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، {إِلاّ:} أداة استثناء. {عَجُوزاً:} مستثنى من (أهله). {فِي الْغابِرِينَ:}
جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {عَجُوزاً،} وجملة: {فَنَجَّيْناهُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {ثُمَّ:} حرف عطف. {دَمَّرْنَا:} فعل، وفاعل. {الْآخَرِينَ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها. {وَأَمْطَرْنا:} الواو:
حرف عطف. (أمطرنا): فعل، وفاعل. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما.
{مَطَراً:} مفعول به، وجملة: {وَأَمْطَرْنا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
{فَساءَ:} الفاء: حرف استئناف. (ساء): فعل ماض جامد لإنشاء الذم. {مَطَرُ:} فاعله، وهو مضاف، و {الْمُنْذَرِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ، والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: هو مطرهم، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.