للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ (٥٦)}

الشرح: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ:} التنوين فيه ينوب عن جملة محذوفة، دلت عليها الغاية، أي: يوم تزول حريتهم، و (إذ) مضافة لهذه الجملة في الأصل، فإن أصل الكلام يوم إذ تزول حريتهم، ويرون بأعينهم ما لم يكن بحسبانهم. فحذفت الجملة الفعلية، وعوض عنها التنوين، وكسرت الذال لالتقاء الساكنين، كما كسرت الهاء في صه، ومه عند تنوينهما، ومثل ذلك قل في حينئذ، وساعتئذ ونحوهما.

{لِلّهِ:} وحده لا شريك له فيه، ولا منازع، بخلاف الدنيا فكثير من الناس يدعون الملك، ويتكبرون، ويتجبرون. واللام مفيدة للملك الحقيقي الذي هو اتساع المقدور لمن له تدبير الأمور. {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} أي: بين المؤمنين، والكافرين، وبين الظالمين، والمظلومين... إلخ، ثم بين حكمه بينهم، فقال: {فَالَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا..}.

إلخ، وإدخال الفاء في خبر الثاني دون الأول تنبيه على أن إثابة المؤمنين بالجنات تفضل منه تعالى، وأنّ عقاب الكفار مسبب عن أعمالهم الخبيثة؛ ولذلك قال: لهم عذاب، ولم يقل: هم في عذاب. انتهى. بيضاوي بتصرف. أقول: لم تدخل الفاء في خبر الذين في الآية رقم [٥٠] مع أن المغزى واحد، فلله في كتابه حكم، وأسرار عجزت عن إدراكها البصائر والأبصار. انظر الاحتراس في الآية رقم [٩٤] من سورة (الأنبياء).

الإعراب: {الْمُلْكُ:} مبتدأ. {يَوْمَئِذٍ:} ظرف زمان متعلق بالخبر المحذوف، الذي هو متعلق لله، و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. {لِلّهِ:} متعلقان بالخبر المحذوف، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها. {يَحْكُمُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (الله). {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله. والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الضمير فقط. {فَالَّذِينَ:} الفاء: حرف تفريع، واستئناف. (الذين) {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ:} انظر إعراب هذه الكلمات في الآية رقم [٥٠].

{فِي جَنّاتِ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، و {جَنّاتِ} مضاف، و {النَّعِيمِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية: (الذين آمنوا...) إلخ مفرعة عما قبلها، ومستأنفة لا محل لها.

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧)}

الشرح: هذه الآية مرتبطة في الآية السابقة، ومقابلة لها، انظر شرحها، وانظر شرح (عذاب) في الآية رقم [٤٦] من سورة (الأنبياء). {مُهِينٌ} مذل، فهو اسم فاعل من: أهان الرباعي، وإعلاله مثل إعلال: (مبين) في الآية رقم [١١]، وانظر (نا) في الآية رقم [٤٩] من سورة (مريم).

<<  <  ج: ص:  >  >>