الشرح:{قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ:} يعني: الإنس والشياطين، والغاوين، والمعبودين، اختصموا حينئذ، على أن الله ينطق الأصنام، فتخاصم العبدة، وهذا الخصام كرره القرآن كثيرا في آياته، ومثله: خصام الأتباع والمتبوعين.
{تَاللهِ إِنْ كُنّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ:} هذا من قول العابدين بدليل ما بعده، وهو اعتراف منهم بأنهم كانوا في الدنيا كافرين ضالين عن طريق الحق، والصواب، فأكدوه بالقسم. {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ:} المعنى لقد كنا في غاية الضلال وقت تسويتنا إياكم يا هذه الأصنام في استحقاق العبادة برب العالمين، الذي أنتم أدنى مخلوقاته، وأذلهم، وأعجزهم، وانظر إعلال:{مُبِينٍ} في الآية رقم [١]، وشرح {الْعالَمِينَ} في الآية رقم [١٦]، و {تَاللهِ} قسم فيه معنى التعجب، والتاء بدل من الباء، وهي مختصة باسم الله تعالى، وربما قالوا: تربي، وترب الكعبة، وتا الرحمن. والواو تختص بكل مظهر، والباء بكل مضمر ومظهر.
الإعراب:{قالُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {وَهُمْ:}
الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما. {يَخْتَصِمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ} في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير. {تَاللهِ:} جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: نقسم. {إِنْ:} مخففة من الثقيلة، مهملة لا عمل لها، وقيل: عاملة، ولا وجه له البتة؛ لأن شروط الإهمال هنا متوفرة، وهي إيلاؤها فعلا ناسخا، ولزوم لام الابتداء بعدها، قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-: [الرجز]
وخفّفت إنّ فقلّ العمل... وتلزم اللام إذا ما تهمل
والفعل إن لم يك ناسخا فلا... تلفيه غالبا بإن ذي موصلا
{كُنّا:} فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا) اسمه. {لَفِي:} اللام: هي الفارقة بين النفي والإثبات. (في ضلال): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر كان. {مُبِينٍ:} صفة {ضَلالٍ،} والجملة الفعلية: {إِنْ كُنّا..}. إلخ جواب القسم، لا محل لها، والقسم وجوابه في محل نصب مقول القول. {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف، يدل عليه {ضَلالٍ،} أو ب {ضَلالٍ} نفسه، أو ب {مُبِينٍ}. {نُسَوِّيكُمْ:}