للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا} هذا وقرئ: «(ليهلكن)» «(وليسكننكم)» بالياء اعتبارا لأوحى. {ذلِكَ:} الإشارة إلى الموحى به، وهو إهلاك الظالمين، وإسكان المؤمنين مع المرسلين. {لِمَنْ خافَ مَقامِي} أي: موقفي، وهو الموقف الذي يقيم فيه العباد للحساب يوم القيامة. أو المعنى: خاف قيامي عليه، ومراقبتي له، وحفظي لأعماله. والمقام:

مصدر كالقيام، يقال: قام قياما، ومقاما، والمقام أيضا: مكان الإقامة، وبالضم فعل الإقامة.

وأصله: (مقوم) بفتح الميم، أو ضمها، فقل في إعلاله: اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى القاف بعد سلب سكونها، ثم يقال: تحركت الواو بحسب الأصل؛ وانفتح ما قبلها الآن، فقلبت ألفا. {وَخافَ وَعِيدِ} أي: وعيدي بالعذاب، أو عذابي الموعود للكفار، بعد هذا انظر «الخوف» في الآية رقم [١٣] من سورة (الرعد)، وانظر «الوعد والوعيد» في الآية رقم [٣١] منها.

الإعراب: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ:} انظر إعراب {لَنُخْرِجَنَّكُمْ} في الآية السابقة، والكاف مفعول به أول. {الْأَرْضَ} منصوب على الظرفية المكانية عند بعض النحاة، وفي مقدمتهم سيبويه، والمحققون وعلى رأسهم الأخفش ينصبونه على التوسع في الكلام بإسقاط الخافض، لا على الظرفية، فهو منتصب انتصاب المفعول به على السعة، بإجراء اللازم مجرى المتعدي، ومثل ذلك قل في: (دخلت المدينة، ونزلت البلد، وسكنت الشّام)، ويجب أن نلاحظ هنا أن الفعل متعد بالهمزة إلى الثاني، فعومل معاملة المفعول الواحد؛ إذا كان الفعل ثلاثيا، أي غير متعد بالهمزة. {مِنْ بَعْدِهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف حال، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {لَنُهْلِكَنَّ الظّالِمِينَ} على ما فيها من اعتبارات. {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {لِمَنْ:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر، وجملة: {خافَ مَقامِي} صلة من، أو صفتها، والعائد، أو الرابط: رجوع الفاعل إليها، وجملة: {(خافَ...)} إلخ معطوفة عليها.

{وَعِيدِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والياء المحذوفة في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، ومثله قل في:

{مَقامِي} والجملة الاسمية: {ذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَاِسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ (١٥)}

الشرح: {وَاسْتَفْتَحُوا} أي: واستنصروا، أي: أذن للرسل في الاستفتاح على قومهم، والدعاء بهلاكهم، قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-في رواية عنه، وبه قال مجاهد، وقتادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>