بمحذوف حال من الكاف على حد قوله تعالى:{خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ}. {ثُمَّ:} حرف عطف.
{جَعَلَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي} أيضا. {مِنْ بَعْدِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من قوة، كان نعتا له، فلما قدم عليه صار حالا، و {بَعْدِ} مضاف، و {ضَعْفٍ} مضاف إليه. {قُوَّةً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وجملة:{جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً} معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا، وإعرابها مثلها. {يَخْلُقُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي}. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: يخلق الذي، أو: شيئا يشاؤه، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من فاعل:{جَعَلَ} المستتر، والرابط: الضمير فقط، والجملة الاسمية:{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} مستأنفة، لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من فاعل يشاء المستتر، والرابط: الواو، والضمير.
الشرح:{وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ} أي: تقوم القيامة، وانظر الآية رقم [١٤]. {يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ:} يحلفون. وانظر التعبير عن الكافرين بالمجرمين، ونحوه في الآية رقم [١٢]. هذا؛ وسمي الحلف: قسما؛ لأنه يكون عند انقسام الناس إلى مصدق، ومكذب، وهو رباعي كما ترى، فهمزته تثبت في الماضي، والأمر، وتحذف في المضارع مع ضم حرف المضارعة، كما رأيت مثله كثيرا، وأما «قسم» الثلاثي، فإنه بمعنى: جزّأ، أو فرّق، فمضارعه بفتح حرف المضارعة، وهمزته في الأمر همزة وصل، تسقط في درج الكلام، وتثبت في أوله.
{ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ:} وأرادوا لبثهم في الدنيا، أو في القبور، أو فيما بين فناء الدنيا إلى البعث، وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«ما بين فناء الدنيا إلى وقت البعث أربعون». قالوا: لا نعلم، أهي أربعون سنة، أو أربعون ألف سنة؟! وذلك وقت يفنون فيه، وينقطع عذابهم، وإنما يقدرون وقت لبثهم بذلك على وجه استقصارهم له، أو ينسون، أو يكذبون، أو يخمنون، وعلى القول الأول، وهو أنهم أرادوا لبثهم في الدنيا، فيكون كقوله تعالى:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها}.
وقوله:{كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ} رقم [٤٥] من سورة (يونس)، ومثلها من سورة الأحقاف رقم [٣٥] والأولى من سورة النازعات.
{كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ} أي: كانوا يكذبون في الدنيا، فكذلك يكذبون في الآخرة، وقد زعم جماعة من أهل النظر: أن القيامة لا يجوز أن يكون فيها كذب لما هم فيه، والقرآن يدل على