وقال القرطبي: وطول الأمل داء عضال ومرض مزمن، ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه، واشتد علاجه، ولم يفارقه داء، ولا نجع فيه دواء، بل أعيا الأطباء، ويئس من برئه الحكماء والعلماء، وحقيقة الأمل الحرص على الدنيا، والانكباب عليها، والحب لها، والإعراض عن الآخرة، وقال الحسن: ما أطال عبد الأمل، إلا أساء العمل، وصدق-رضي الله عنه-، فالأمل يكسل عن العمل، ويورث التراخي، والتواني، ويعقب التشاغل والتقاعس، ويخلد إلى الأرض، ويميل إلى الهوى، وهذا أمر قد شوهد بالعيان فلا يحتاج إلى بيان، ولا يطلب صاحبه ببرهان. انتهى.
الإعراب:{ذَرْهُمْ:} أمر، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والهاء مفعول به. {يَأْكُلُوا:}
مضارع مجزوم لوقوعه جوابا للطلب، وهو عند الجمهور مجزوم بشرط محذوف، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والألف للتفريق. {وَيَتَمَتَّعُوا:} معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه. {وَيُلْهِهِمُ:} معطوف على ما قبله مجزوم أيضا، وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وهو الياء، والهاء مفعول به. {الْأَمَلُ:} فاعله، والجمل كلها لا محل لها، فالأولى، مستأنفة، والثانية لوقوعها جوابا للطلب، وما بعدها بسبب العطف عليها. {فَسَوْفَ:} الفاء: حرف استئناف.
(سوف): حرف استقبال. {يَعْلَمُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والمفعول محذوف للتعميم، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقيل: الفاء الفصيحة، وعليه فالجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب شرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك واقعا منهم فسوف يعلمون، وفيه ركاكة لا تخفى، لذا فالمعتمد ما ذكرته أولا في الفاء. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ} أي: من أهل قرية، والمراد: هلاك الاستئصال، كما فعل الله بقرى قوم لوط ونحوها. {إِلاّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ} أي: أجل مضروب، ووقت معين، لا يتقدم العذاب، ولا يتأخر عنه. هذا؛ والقرية في الأصل: اسم للمكان الذي يجتمع فيه القوم، وهو يطلق على المدينة الكبيرة وغيرها، كيف لا؟ وقد جعل الله مكة المكرمة أم القرى، وكثيرا ما أطلق عليها اسم القرية، كما تطلق على الضيعة الصغيرة، وهي مأخوذة من: قريت الماء في المكان: جمعته، وفي القاموس المحيط: القرية بكسر القاف وفتحها، والنسبة إليها: قروي وقريي.