الشرح:{وَعَجِبُوا} أي: تعجب كفار قريش. {أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ:} تعجبوا من مجيء رسول من البشر مثلهم، أو أمي من أمثالهم. {وَقالَ الْكافِرُونَ هذا} أي: محمد. {ساحِرٌ:}
فيما يظهره معجزة. {كَذّابٌ:} فيما يقوله على الله تعالى. وقد وضع الظاهر، وهو {الْكافِرُونَ} موضع الضمير غضبا عليهم، وذما لهم، ودلالة على أن هذا القول لا يقوله، ولا يجرؤ عليه إلا الكافرون المتوغلون في الكفر، المنهمكون في الغي والضلال؛ إذ لا كفر أبلغ من أن يسموا من صدقه الله كاذبا ساحرا، ويتعجبوا من التوحيد؛ وهو الحق الأبلج، ولا يتعجبوا من الشرك؛ وهو باطل لجلج، وانظر العجب في الآية رقم [١١] من سورة (الصافات). هذا؛ ويريدون ب:{ساحِرٌ:} يجيء بالكلام المموه الذي يخدع به الناس.
الإعراب:{وَعَجِبُوا:} الواو: حرف عطف، أو حرف استئناف. (عجبوا): فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {جاءَهُمْ:} فعل ماض، والهاء مفعوله. {مُنْذِرٌ:} فاعله. {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان ب: {مُنْذِرٌ،} و {أَنْ} والفعل (جاء) في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. انظر الشرح. هذا؛ وقال ابن هشام في مغنيه:{أَنْ} بمعنى: إذ، أي: هي للتعليل، وأورد قول الفرزدق:[الطويل]
أتغضب أن أذنا قتيبة حزّتا... جهارا، ولم تغضب لقتل ابن خازم؟
وهذا هو الشاهد رقم (٤٧) من كتابنا: «فتح القريب المجيب». وجملة {وَعَجِبُوا..}. إلخ، لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الواو. {وَقالَ:} الواو: حرف عطف. (قال): فعل ماض. {الْكافِرُونَ:} فاعله مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم. {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {ساحِرٌ:} خبر أول. {كَذّابٌ:} خبر ثان، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{وَقالَ..}.
إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها أيضا.
{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (٥)}
الشرح: روي: أنه لما أسلم عمر-رضي الله عنه-شق على قريش إسلامه، فاجتمعوا إلى أبي طالب، وقالوا: اقض بيننا وبين ابن أخيك! فأرسل أبو طالب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا بن أخي! إن قومك هؤلاء يسألونك السواء (أي: الحق، والإنصاف)، فلا تمل كل الميل على قومك! قال: وما يسألونني؟ قالوا: ارفضنا، وارفض ذكر آلهتنا، وندعك، وإلهك! فقال