للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن جنّي، وقال مبرمان: هي عاطفة لجملة «إذا» ومدخولها على الجملة قبلها، واختاره الشلوبين الصغير، وأيده أبو حيان بوقوع «ثم» موقعها في قوله تعالى: {ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ،} وقال الزجاج: دخلت على حد دخولها في جواب الشرط. انتهى. أي: فهي للسببية المحضة.

{إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨)}

الشرح: {إِنَّكُمْ:} الخطاب لكفار قريش، ويعم كل مشرك جعل لله ندا. {وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ:} يحتمل الأوثان التي يقدسونها، ويحتمل إبليس وأعوانه من الإنس والجن؛ لأنهم بطاعتهم لهم في حكم عبادتهم، كما رأيت في الآية رقم [٣١] من سورة (التوبة) ولما روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما تلا هذه الآية على المشركين، قال عبد الله بن الزّبعرى: قد خصمتك ورب الكعبة! أليس اليهود عبدوا عزيرا، والنصارى عبدوا المسيح، وبنو مليح عبدوا الملائكة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك»، وأنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ..}.

إلخ الآية الآتية.

هذا؛ ويروى: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «ما أجهلك بلغة قومك؟ ألم تعلم أن ما لغير العاقل، ومن للعاقل؟!» فتصاغر، وخنس. وهو جواب مفحم مسكت. {حَصَبُ جَهَنَّمَ} أي: حطب جهنم؛ الذي يرمى بها فتهيج به، وهذا يفيد: أن الكفار وما يعبدون من الأصنام حطب لجنهم، وهو صريح قوله تعالى في سورة (التحريم): {وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ}. هذا؛ ويقرأ: «(حطب)» بالطاء، كما يقرأ: «(حضب)» بالضاد، قال الفراء: ذكر لنا: أن الحضب في لغة أهل اليمن:

الحطب. {أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ} أي: عليها واردون، بمعنى: داخلون فيها، هذا؛ والحجارة التي عبدوها لا ذنب لها، ولا عقوبة عليها، ولكن تكون عذابا على من عبدها، أول شيء بالحسرة، ثم تجمع على النار، فتكون نارها أشد من كل نار، ثم يعذبون بها بعد أن كانوا يؤملون نفعها، وشفاعتها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. (ما): اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على الكاف. {تَعْبُدُونَ:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، والعائد محذوف، التقدير: والذي تعبدونه. {مِنْ دُونِ:}

متعلقان بمحذوف حال من الضمير المنصوب المحذوف و {مِنْ} بيان لما أبهم في (ما) و {تَعْبُدُونَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {حَصَبُ:} خبر (إنّ) وهو مصدر صح الإخبار به عن متعدد، و {حَصَبُ} مضاف، و {جَهَنَّمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة، والجملة الاسمية: {إِنَّكُمْ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة لا محل لها. {أَنْتُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع

<<  <  ج: ص:  >  >>