بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية جواب (لمّا) على القول بزيادة الواو، وهي مستأنفة على قول البصريين، أو هي معطوفة على جواب لما المحذوف. {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ}: اللام: واقعة في جواب قسم محذوف، التقدير: والله. (تنبئنهم): مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، والهاء مفعول به أول. {بِأَمْرِهِمْ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعوله الثاني، والهاء في محل جر بالإضافة. {هذا}: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة أمرهم، والهاء حرف تنبيه لا محل له، والجملة الفعلية:
{لَتُنَبِّئَنَّهُمْ..}. إلخ جواب القسم المقدر، لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مفسر ل (أوحينا)؛ لأنه بالمعنى هو الموحى ليوسف. {وَهُمْ}: الواو: واو الحال. (هم): ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لا}: نافية. {يَشْعُرُونَ}: مضارع مرفوع إلخ، والواو فاعله، والمتعلق محذوف، تقديره: بذلك وقت الإنباء، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير الغائب، والرابط: الواو، والضمير.
{وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦)}
الشرح:{وَجاؤُ..}. إلخ: وإنما رجعوا وقت العشاء ليكونوا في الظلمة أجرأ على الاعتذار بالكذب، فلما بلغوا منزل يعقوب؛ جعلوا يبكون ويصرخون، فسمع أصواتهم، ففزع من ذلك، وقال: ما لكم يا بني؟! وأين يوسف؟! هذا؛ ويقرأ: «(عشيّا)» وهو تصغير عشيّ، وعشى بالضم والقصر جمع: أعشى. (جاءوا): هذا الفعل يكون متعديا إن كان بمعنى: وصل وبلغ، كما في هذه الآية، ويستعمل لازما، إن كان بمعنى: حضر وأقبل، كما في قوله تعالى:{إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} هذا؛ والبكا بالقصر: إسالة الدمع من غير رفع صوت، وبالمد إسالة الدمع مع رفعه، قال الخليل رحمه الله تعالى: من قصر البكاء ذهب به إلى معنى الحزن، ومن مده ذهب به إلى معنى الصوت. قال كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه:[الوافر]
بكت عيني وحقّ لها بكاها... وما يغني البكاء ولا العويل
تنبيه: قال العلماء: هذه الآية دليل على أن بكاء المرء على صدق مقاله، لاحتمال أن يكون تصنعا، فمن الخلق من يقدر على ذلك، ومنهم من لا يقدر، وقد قيل: إن الدمع المصنوع لا يخفى، كما قال حكيم:[الوافر]
إذا اشتبكت دموع في خدود... تبيّن من بكى ممّن تباكى
وروي أن امرأة حاكمت زوجها إلى شريح القاضي، وبكت، فقال له الشعبي: يا أبا أمية! أما تراها تبكي؟! فقال: قد جاء إخوة يوسف يبكون، وهم ظلمة، ولا ينبغي لأحد أن يقضي إلا بما أمر أن يقضي به من السنة المرضية.