للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دفع المنافاة بحمله على عدم اتحاد الأوقات، والأهوال. انتهى. جمل نقلا من الشهاب. بعد هذا خذ قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٨٣]: {وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً} وقوله تعالى في سورة (هود) رقم [٩]: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} انظر شرح هذه الآيات في محالها؛ تجد ما يسرّك، ويثلج صدرك.

الإعراب: {وَإِذا:} الواو استئنافية، (إذا): انظر الآية رقم [٢٠]. {أَنْعَمْنا:} فعل، وفاعل.

{عَلَى الْإِنْسانِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها.

{أَعْرَضَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {الْإِنْسانِ،} والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {وَنَأى:} الواو: حرف عطف. (نأى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر. والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {بِجانِبِهِ:} متعلقان بما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ:} إعرابه مثل سابقه بلا فارق. {فَذُو:} الفاء: واقعة في جواب (إذا).

(ذو): خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: فهو ذو، مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و (ذو) مضاف، و {دُعاءٍ} مضاف إليه. {عَرِيضٍ:} صفة: {دُعاءٍ،} والجملة الاسمية جواب (إذا)، لا محلّ لها، و (إذا) ومدخولها معطوف على ما قبله، لا محلّ له مثله.

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٢)}

الشرح: {قُلْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: قل يا محمد لقومك. {أَرَأَيْتُمْ:} أخبروني، وأعلموني. {إِنْ كانَ} أي: القرآن الكريم. {مِنْ عِنْدِ اللهِ} أي: حقا كما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.

{ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} أي: أنكرتموه، وجحدتموه. {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ..}. إلخ أي: فأي الناس أضل؟! أي: لا أحد أضل منكم لفرط شقاوتكم، وعداوتكم. {فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ} أي: في خلاف، وعصيان، ومشاقة لله عزّ وجل، ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم وللمؤمنين، ومعنى: {بَعِيدٍ:} شديد.

وانظر شرح: {شِقاقٍ} في الآية رقم [٢] من سورة (ص).

هذا؛ وقال الجمل: واستعمال: {أَرَأَيْتُمْ} بمعنى: الإخبار مجاز، ووجه المجاز: أنّه لما كان العلم بالشيء سببا للإخبار عنه، أو إبصاره به طريقا إلى الإحاطة به علما، وإلى صحة الإخبار عنه؛ استعملت الصيغة التي لطلب العلم، أو لطلب الإبصار في طلب الخبر، لاشتراكهما في الطلب، ففيه مجازان: استعمال «رأى» التي بمعنى: «علم» أو «أبصر» في الإخبار، واستعمال الهمزة؛ التي هي لطلب الرؤية في طلب الإخبار. انتهى. جمل نقلا من الشهاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>