فيعلموا ما خلق الله... إلخ؛ لأن في الكلام دليلا عليه. {وَإِنَّ:} الواو: حرف استئناف.
(إن): حرف مشبه بالفعل. {كَثِيراً:} اسم (إن). {مِنَ النّاسِ:} جار ومجرور متعلقان ب:
{كَثِيراً}. {بِلِقاءِ:} جار ومجرور متعلقان ب: (كافرون)، و (لقاء) مضاف، و {رَبِّهِمْ:} مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، التقدير: بلقائهم ربهم، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {لَكافِرُونَ:} اللام:
لام الابتداء. وتسمى المزحلقة. (كافرون): خبر (إن) مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية:{وَإِنَّ كَثِيراً..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وإن اعتبرتها في محل نصب حال من واو الجماعة، فالمعنى لا يأباه، ويكون الرابط: الواو فقط.
الشرح:{أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ..}. إلخ أي: أولم يمش كفار قريش في نواحي الأرض، وجهاتها ليروا مصارع الأمم المكذبة، وما حل بهم من الهلاك، والدمار، فيعتبروا بهم، وفيه ردع، وزجر للكافرين المكذبين بأن الله سيهلكهم، كما أهلك من قبلهم، فهو حض للكفرة؛ لينظروا نظرة تبصر، واعتبار، لا نظرة غفلة، وإهمال، ينظرون إلى مساكن الأمم الماضية، وديارهم وآثارهم، كيف أهلكهم الله، كما قال تعالى في آية أخرى:{ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}[الأنعام: ١١].
هذا؛ وعاقبة كل شيء: آخره، ونتيجته، ومصيره، ومآله، ولم يؤنث الفعل:{كانَ؛} لأن {عاقِبَةُ} مؤنث مجازي، وما كان منه يستوي فيه التذكير، والتأنيث، أو لأن {عَقِبِهِ} اكتسب التذكير من المضاف إليه، وهذا باب من أبواب النحو، انظر الشاهد رقم [٩٠١] وما بعده من كتابنا فتح القريب المجيب؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
{كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} أي: في الأبدان، كقوم هود، وكقوم صالح، فإنهم كانوا طوال الأجسام أقوياء الأبدان، كما هو معروف عنهم. وأثاروا الأرض: حرثوا الأرض، وقلبوا وجهها لاستنباط المعادن، واستخراج المياه، وزرع البذور وغيرها. وذكر الله أهل مكة بهذا، ولم يكونوا أهل حرث، وزرع لزيادة العبرة، والعظة لهم. {وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمّا عَمَرُوها} أي: عمر الأرض أولئك الأقوام، وشيدوا فيها القصور الشامخة، والعمارة الفخمة أكثر من تعمير كفار قريش لها.