للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد أعاد الضمير إلى السموات والأرض مثنى، والمرجوع إليه مجموع السموات والأرض، وتثنية الجمع جائزة على تأويل الجماعتين، ومنه قول الشاعر، يذم عاملا على الصدقات في عهد بني أمية: [البسيط] سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟

لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين

فقد ثنى: «جمالا» الذي هو جمع: جمل، والعقال: صدقة عام، والسبد: المال القليل، واللبد: المال الكثير، وأوبادا: هلكى جمع: وبد، فهو يقول: صار عمرو عاملا على الزكوات في سنة واحدة، فظلم، وأخذ أموالنا بغير حق، حتى لم يبق لنا إلا شيء قليل من المال، فكيف يكون حالنا؟ وكيف يبقى لأحد مال لو صار عمرو عاملا في زكاة عامين؟ ثم أقسم، فقال: والله لو صار عمرو عاملا سنتين لصارت القبيلة هلكى، فلا يكون لهم عند التفرق في الحرب جمالان؛ أي: قطيعان من الجمال، فيختل أمر الغزوات.

الإعراب: {أَوَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. الواو: حرف استئناف. (لم):

حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَتَفَكَّرُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية مستأنفة، وهو أقوى من العطف على محذوف، فلا محل لها. {فِي أَنْفُسِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وهما بمعنى الظرف له. وقيل: هما في محل نصب مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {ما:} نافية. {خَلَقَ:} فعل ماض. {اللهُ:} فاعله. {السَّماواتِ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. {وَالْأَرْضَ:}

معطوف على {السَّماواتِ} بالواو العاطفة. {وَما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على {السَّماواتِ وَالْأَرْضَ}. {بَيْنَهُما:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والميم والألف حرفان دالان على التثنية. {إِلاّ:}

حرف حصر. {بِالْحَقِّ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال، التقدير: إلا مقرونة بالحق. {وَأَجَلٍ:} الواو: حرف عطف. (أجل): معطوف على الحق. فإن التقدير: وبأجل. {مُسَمًّى:} صفة (أجل) مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. وجملة: {ما خَلَقَ اللهُ..}.

إلخ قال أبو البقاء والجمل: وجهان: أحدهما أنها مستأنفة، والثاني أنها معلقة للفعل قبلهما عن العمل لفظا، فتكون في محل نصب على نزع الخافض.

وأما الزمخشري، وتبعه البيضاوي، والنسفي، فيعتبرونها في محل نصب مقول القول لقول محذوف. التقدير: أولم يتفكروا، فيقولوا: ما خلق الله... إلخ. وقيل: التقدير: أولم يتفكروا

<<  <  ج: ص:  >  >>