ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر، تقديره:«هو»، يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل، أو هو محذوف يدل عليه المقام، التقدير: وإذا قيل قول، وقيل: الجار والمجرور {لَهُمْ} في محل رفع نائب فاعل، وقيل: جملة: {لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ:} هي في محل رفع نائب فاعل، وهذا على قول من يجيز وقوع الجملة فاعلا، أو نائبا عنه، ويكون جاريا على القاعدة في بناء الفعل للمجهول:(يحذف الفاعل، ويقام المفعول به مقامه). وهذا لا غبار عليه، وقال ابن هشام في المغني: فليس هذا من باب الإسناد إلى الجملة لما بينا، أي: من أنّ الجملة إذا قصد لفظها؛ يحكم لها بحكم المفرد؛ ليجوز حينئذ وقوعها مبتدأ، أو فاعلا، أو نائبا عنه، وانظر الشاهد [٧٩٣] من كتابنا فتح القريب المجيب، ومثّل لذلك في شذور الذهب بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أفضل ما قلته أنا، والنبيّون من قبلي: لا إله إلاّ الله». {لا:} ناهية جازمة. {تُفْسِدُوا:}
فعل مضارع مجزوم ب ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مفسرة لنائب الفاعل على اعتباره ضميرا، أو هي في محل نصب مقول القول، أو هي في محل رفع نائب فاعل، كما رأيت، فتكون على الحكاية، وهو المعتمد، وجملة:{قِيلَ..}. إلخ في محل جر بإضافة ({إِذا}) إليها، على القول المرجوح، وهو المشهور، أقول هذا دائما؛ لأن ابن هشام رجح تعليق «إِذا» بفعل شرطها، وأكد ذلك إذا اقترن جوابها بالفاء، فإنه لا يعمل ما بعد الفاء بما قبلها، وهو كثير؛ مثل قوله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً} [النصر: ١ - ٣]، انظر مبحث «إذا» في مغني اللبيب، وقد خطّأ أبو البقاء من يرجّح ذلك، وهو المخطئ بلا ريب.
{قالُوا:} ماض، وفاعله، والألف للتّفريق. {إِنَّما:} كافة ومكفوفة، {نَحْنُ مُصْلِحُونَ:}
مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول، وجملة:{قالُوا..}. إلخ: جواب ({إِذا}) لا محل لها، و ({إِذا}) ومدخولها كلام مستأنف، لا محلّ له، وقيل: معطوف على جملة:
{يَكْذِبُونَ} الواقعة خبرا ل (كان)، وقيل: معطوف على جملة: {يَقُولُ..}. إلخ الواقعة صلة ل ({مِنَ})، وأرجّح الأوّل من هذه الأقوال.
{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ (١٢)}
الشرح:{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ:} هذا ردّ عليهم، وتكذيب لقولهم، وانظر شرح إفسادهم في الآية السابقة، ولا تنس تأكيد هذا الردّ ب (إنّ) وبضمير الفصل، وتعريف الخبر، ب {أَلا} الاستفتاحية في الردّ عليهم لما ادعوه من قولهم: {إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ} فإنهم أخرجوا الجواب جملة اسمية مؤكّدة ب {إِنَّما} ليدلوا بذلك على ثبوت الوصف لهم، فردّ الله عليهم بأبلغ، وأوكد ممّا ادّعوه.