{وَما:} الواو: واو الحال، (ما): نافية. {كُنْتَ:} فعل ماض ناقص مبني على السّكون، والتاء اسمه. {لَدَيْهِمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر: (كان) فهو منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المنقلبة ياء، لاتصاله بالهاء التي هي ضمير متّصل في محل جرّ بالإضافة.
{إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان، مبني على السكون في محل نصب متعلق بالخبر المحذوف، والجملة الفعلية في محل نصب حال من كاف الخطاب، والرابط: الواو، والضمير. {يُلْقُونَ:}
فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة:{إِذْ} إليها. {أَقْلامَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة.
{أَيُّهُمْ:} مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة. {يَكْفُلُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:
{أَيُّهُمْ}. {مَرْيَمَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع جر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، التقدير: ليعلموا أيهم... إلخ، ومعلوم: أن هذا المحذوف يتحصّل منه جار ومجرور بالتأويل، وهما متعلقان بالفعل:{يُلْقُونَ} وقدّر السّمين المحذوف:
ينظرون أيهم... إلخ، وبه قال مكيّ، والجملة الفعلية هذه في محل نصب حال من واو الجماعة، وقدّر الجلال: يقترعون ليظهر لهم أيهم... إلخ، فاعتبره فاعلا لفعل محذوف، ولا وجه له؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، إلا إذا اعتبر:(أيكم) اسما موصولا، وجملة:{وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ..}. إلخ مثل سابقتها إعرابا، ومحلاّ بسبب العطف.
الشرح:{إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ:} انظر الآية رقم [٤٢]. {إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} سمي هذا الولد: كلمة؛ لأنه وجد بكلمة:«كن» فهو من باب إطلاق السبب على المسبّب، والمراد: أنّه وجد من غير واسطة أب؛ لأنّ غيره وإن وجد بتلك الكلمة لكنه بواسطة أب، وقوله تعالى:{عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} إيحاء إليها بأنها تلده من غير أب، فلذا ينسب إليها. وعادة الرّجال نسبتهم إلى آبائهم. {وَجِيهاً فِي الدُّنْيا:} ذا وجاهة عالية، ومكانة في الدنيا والآخرة، وجاهته في الدنيا بالنبوة، وكثرة الأتباع بالحقّ، لا الذين حرفوا، وغيروا، وزيّفوا شريعته، وتعاليمه، وفي الآخرة بالشّفاعة لهم، والتنصّل ممّن بدلوا دينه، وهديه، واتخذوه إلها. انظر آخر سورة المائدة، تجده مفصّلا. {وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} أي: عند الله يوم القيامة.
هذا؛ و {الْمَسِيحُ} لقب عيسى، عليه السّلام، وهو من الألقاب المشرفة، كالصدّيق لأبي بكر، والفاروق لعمر-رضي الله عنه-. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: سمي عيسى مسيحا؛ لأنه ما مسح ذا عاهة؛ إلا برأ منها. وقيل: لأنه مسح بالبركة، كما حكى القرآن قوله