للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع من الحجج الدامغة، والبراهين الساطعة، والدلائل القاطعة، وما يتذكر إلا أولو الأبصار.

وما ينتفع إلا أولو الألباب. هذا؛ والآية مذكورة بحروفها في سورة (الدهر) رقم [٢٩] انظر تفسيرها هناك؛ ففيها فضل زيادة.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {هذِهِ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب اسمها، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {تَذْكِرَةٌ:} خبر {إِنَّ،} والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها، {فَمَنْ:} الفاء: حرف تفريع، واستئناف. والأولى اعتبارها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر؛ إذ التقدير: وإذا كان ما ذكره حاصلا، وواقعا؛ فمن شاء أن يتخذ مرجعا إلى ثواب ربه؛ فعل ذلك بالإيمان، والطاعة. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {شاءَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من) تقديره: «هو»، ومفعوله محذوف، التقدير: شاء النجاة. {اِتَّخَذَ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم جواب الشرط، والفاعل يعود إلى (من) أيضا. {إِلى رَبِّهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من {سَبِيلاً} كان صفة له، فلما قدم عليه؛ صار حالا، وهو أولى من تعليقهما بالفعل قبلهما. والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه.

{سَبِيلاً:} مفعول به، وجملة: {اِتَّخَذَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [١٤] من سورة (الجن) مع صحة، وجواز اعتبار (من) اسما موصولا. هذا؛ وكلام القرطبي يوحي: أن الجواب محذوف، حيث قدر الكلام: من أراد أن يؤمن ويتخذ بذلك إلى ربه سبيلا، أي: طريقا إلى رضاه، ورحمته؛ فليرغب في ذلك. ولا حاجة إلى هذا التكلف بعد الذي ذكرته، والجملة الاسمية: (من شاء...) إلخ مستأنفة، لا محل لها، تأمل، وتدبر.

{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاِسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)}

الشرح: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ..}. إلخ: أي: ربك يا محمد يعلم: أنك تقوم مع أصحابك في الليل للتهجد، والعبادة أقل من ثلثي الليل، وتارة تقومون نصفه، وتارة ثلثه. قال تعالى في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>