للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس-رضي الله عنهما-: لمّا انتهت النفخة-أي: الروح-إلى سرته؛ نظر إلى جسده، فذهب لينهض، فلم يقدر. وقال ابن مسعود-رضي الله عنه-: لما دخلت الروح في عينيه؛ نظر إلى ثمار الجنة، فلمّا دخلت جوفه؛ اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تدخل الروح رجليه عجلان، إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول الله: {خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ} الآية رقم [٣٧] من سورة (الأنبياء).

وقيل: المعنى: إنّ الإنسان يؤثر العاجل؛ وإن قلّ على الآجل وإن جلّ. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١] من سورة (النحل) ففيها بحث جيد.

هذا؛ و «الإنسان» يطلق على الذكر، وعلى الأنثى من بني آدم، ومثلها كلمة: «شخص»: قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} ومعلوم: أنّ الله لم يقصد الذكور خاصة، والقرينة الآيات الكثيرة الدالة على أنّ المراد الذكر، والأنثى، واللام في {الْإِنْسانُ} إنّما هي لام الجنس التي تفيد الاستغراق؛ ولذا صح الاستثناء من الإنسان في سورة العصر. هذا؛ وإنسان العين هو المثال الذي يرى فيها، وهو النقطة السوداء التي تبدو لامعة وسط السواد. وانظر جمع «الإنسان» في الآية [٦٠].

الإعراب: {وَيَدْعُ:} الواو: حرف استئناف. (يدعو): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل وهي محذوفة لالتقاء الساكنين. {الْإِنْسانُ:} فاعله. {بِالشَّرِّ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وأجيز تعليقهما بمحذوف حال من الإنسان. {دُعاءَهُ:} مفعول مطلق، وأصل الكلام: يدعو.. دعاء مثل دعائه، فأقيم المضاف إليه مقام المضاف بعد حذفه، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {بِالْخَيْرِ:} متعلقان بالمصدر، والجملة الفعلية:

{وَيَدْعُ} إلخ مستأنفة، لا محل لها، وجملة: {وَكانَ..}. إلخ في محل نصب حال من الإنسان الأول، والرابط: الواو، وإعادة صاحب الحال بلفظه، وهي على تقدير «قد» قبلها.

{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً (١٢)}

الشرح: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ} أي: علامتين على وحدانيتنا، ووجودنا، وكمال علمنا، وقدرتنا، والآية فيهما إقبال كل واحد منهما من حيث لا يعلم، وإدباره من حيث لا يعلم، ونقصان أحدهما بزيادة الآخر، وبالعكس أيضا آية، وكذلك ضوء النهار وظلمة الليل، قال تعالى في سورة (النور) الآية رقم [٤٤]: {يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ}.

{فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ} أي: جعلنا الليل ممحو الضوء، مطموسا، مظلما لا يستبان فيه شيء.

هذا؛ والمحو: الإزالة ومنه الآية رقم [٣٩] من سورة (الرعد). {وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً} أي:

جعلنا شمسه مضيئة للأبصار فيكون المعنى: مبصرا فيها بالضوء؛ لأن النهار لا يبصر، بل يبصر

<<  <  ج: ص:  >  >>