للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: و (نا): هذه تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، كما يزعم الكافرون، والملحدون فالله تعالى لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم به العبد، فيقول: أخذنا وأعطينا... إلخ، وليس معه أحد، والغاية من هذا الكلام الرد على النصارى الذين يدخلون الشبهة على السذج من المسلمين بأن الإله ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، وروح القدس، ويدعمون شبهتهم هذه بالألفاظ الموجودة في القرآن، والتي ظاهرها يفيد الجمع.

الإعراب: {وَإِنّا:} الواو: حرف استئناف، {(إِنّا):} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {لَنَحْنُ:} اللام: هي المزحلقة. (نحن): مبتدأ.

{نُحْيِ:} مضارع مرفوع... إلخ، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والمفعول محذوف للتعميم، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر (إنّ). هذا؛ وأجيز في الضمير المنفصل أن يكون تأكيدا لاسم (إنّ) على المحل، ولا يجوز أن يكون فصلا؛ لأنه لم يقع بين اسمين، والجملة الاسمية: {وَإِنّا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وجملة:

{وَنُمِيتُ} مع المفعول المحذوف معطوفة على ما قبلها فهي في محل رفع مثلها، والجملة الاسمية: {وَنَحْنُ الْوارِثُونَ} في محل نصب حال من فاعل (نميت) المستتر، والرابط: الواو، والضمير، أو هي معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)}

الشرح: معنى الآية الكريمة: علمنا من استقدم، ولادة وموتا، ومن استأخر، أو من خرج من أصلاب الرجال، ومن لم يخرج بعد، أو من تقدم إلى الجهاد والإسلام، والطاعة، ومن تأخر. والمراد: لا يخفى علينا شيء من أحوالكم، وهو بيان على كمال علمه، بعد الاحتجاج على كمال قدرته، فإن ما يدل على قدرته دليل على علمه. وقيل: رغّب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصف الأول: في الصلاة، فازدحموا عليه، فنزلت. وقيل: المستقدمين في صفوف الصلاة، والمستأخرين فيها بسبب النساء، وكل هذا معلوم لله تعالى، فإنه عالم بكل موجود ومعدوم، وعالم بمن خلق، وما هو خالقه إلى يوم القيامة، ورجح القرطبي السبب الأخير؛ لما رواه النسائي، والترمذي عن ابن عباس-رضي الله عنه-قال: «كانت امرأة تصلّي خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسناء من أحسن الناس، فكان بعض القوم يتقدّم حتى يكون في الصّفّ الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصّف المؤخر، فإذا ركع نظر من تحت إبطه، فنزلت الآية الكريمة». هذا والفعل {عَلِمْنَا} في الجملتين من المعرفة، لا العلم، انظر شرح ذلك في الآية [٤٤] من سورة (الرعد).

<<  <  ج: ص:  >  >>