غير العربية، مثل:(سجّيل، والمشكاة، واليمّ، وإستبرق، وسندس) ونحو ذلك. وهذا هو الصحيح المختار؛ لأنّ هؤلاء أعلم من أبي عبيدة بلغة العرب، ولسانهم، وكلا القولين صواب، إن شاء الله تعالى، ووجه الجمع بينهما: أنّ هذه الألفاظ لما تكلّمت بها العرب، ودارت على ألسنتهم بسهولة صارت عربية فصيحة، وإن كانت غير عربية في الأصل.
هذا؛ والترجي في هذه الآية وأمثالها إنّما هو بحسب عقول البشر؛ لأنّ الله تعالى لا يحصل منه ترجّ، ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {جَعَلْناهُ:} ماض، وفاعله، ومفعوله الأول. {قُرْآناً:} مفعول به ثان. {عَرَبِيًّا:} صفة له، والجملة الفعلية في محل رفع خبر:(إن)، والجملة الاسمية جواب القسم، لا محلّ لها.
{لَعَلَّكُمْ:} حرف مشبّه بالفعل، والكاف اسمها، وجملة:{تَعْقِلُونَ} في محل رفع خبرها، والجملة الاسمية تعليل للجعل، لا محل لها.
الشرح:{وَإِنَّهُ} أي: القرآن. {فِي أُمِّ الْكِتابِ} أي: مسجل في اللوح المحفوظ قديم الأزل. {لَدَيْنا:} عندنا. {لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} أي: رفيع محكم، لا يوجد فيه اختلاف، ولا تناقض. قال تعالى في سورة (البروج): {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} وقال تعالى في سورة (فصلت) رقم [٤٢] {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. وقال ابن جريج: المراد بقوله تعالى: {وَإِنَّهُ} أي: أعمال الخلق من إيمان، وكفر، وطاعة، ومعصية. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أول ما خلق الله القلم، فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق، فالكتاب عنده، ثم قرأ:{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ..}. إلخ انتهى. قرطبي.
هذا؛ وفي لفظ {أُمِّ} استعارة تصريحية، فقد استعير لفظ الأم للأصل.
هذا؛ و {لَدَيْنا} ظرف مكان بمعنى: «عند» وهي معربة مثلها، وقد تستعملان في الزمان، وإذا أضيف لدى إلى مضمر كما هنا قلبت ألفه ياء عند جميع العرب، إلاّ بني الحارث بن كعب، وبني خناعة، فلا يقلبونها تسوية بين الظاهر، والمضمر، كما لا يقلبون ألف على، وإلى، ونحوهما، وعلى لغتهم جاء قول الشاعر:[الوافر]
إلا كم يا خناعة لا إلانا... عزا النّاس الضراعة والهوانا