للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاء: حرف عطف، وتفريع. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{ثَقُلَتْ:} ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والتاء للتأنيث حرف لا محل له.

{مَوازِينُهُ:} فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَأُولئِكَ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (أولئك): اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {هُمُ:} ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان. {الْمُفْلِحُونَ:} خبره مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية في محل رفع خبر: (أولئك) هذا؛ وإن اعتبرت {هُمُ} ضمير فصل لا محل له؛ فيكون: {الْمُفْلِحُونَ} خبر (أولئك) وعلى الوجهين فالجملة الاسمية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، فقيل: هو جملة الشرط. وقيل: هو جملة الجواب.

وقيل: هو الجملتان. وهو المرجح لدى المعاصرين. بعد هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا؛ فهو مبتدأ، والجملة الفعلية بعده صلته، والجملة الاسمية: {فَأُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبره، وزيدت الفاء في الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم. وعلى كل فالجملة الاسمية مفرعة، ومعطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالإتباع.

{وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (٩)}

الشرح: {وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ} أي: رجحت سيئاته على حسناته. هذا؛ وقد ذكر الله في الآية السابقة السعداء الذين غلبت حسناتهم على سيئاتهم، وذكر في هذه الآية الأشقياء الذين غلبت سيئاتهم على حسناتهم، وبقي صنف ثالث، وهم: من تساوت حسناتهم، وسيئاتهم، وهم أصحاب الأعراف الذين ذكرهم الله في الآية رقم [٤٦] من هذه السورة. {خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} أي:

ضيعوها، وحرموها من جزيل ثواب الله تعالى، وكرامته. {بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ} أي: سبب ذلك الخسران: أنهم كانوا بحجج الله، وأدلة توحيده يجحدون، ولا يقرون بها.

روي عن أبي بكر الصديق-رضي الله عنه-أنه حين حضره الموت قال في وصيته لعمر بن الخطاب-رضي الله عنه-: إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا، وثقله عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الحق غدا أن يكون ثقيلا، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل في الدنيا، وخفته عليهم، وحق لميزان يوضع فيه الباطل غدا أن يكون خفيفا. انتهى خازن.

هذا؛ و (الآيات) جمع: آية، وهي تطلق على معان كثيرة، منها: الدلالة، ومنه قوله تعالى:

{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وتطلق على المعجزة، مثل انشقاق القمر، ونحوه، وتطلق على

<<  <  ج: ص:  >  >>