للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وإنّ الله جلّت قدرته حثّنا على الاستغفار في جميع الأوقات، ورغّبنا فيها الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في جميع الحالات، فعن عبد الله بن بسر-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول:

«طوبى لمن وجد في صحيفته استغفار كثير!» رواه ابن ماجة، والبيهقيّ. وعن محمّد بن عبد الله ابن محمد بن جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-عن أبيه عن جدّه، قال: أتى رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: وا ذنوباه! وا ذنوباه! فقال هذا القول مرّتين، أو ثلاثا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قل:

اللهمّ مغفرتك أوسع من ذنوبي! ورحمتك أرجى عندي من عملي!». فقالها، ثم قال: «عد»، فعاد، ثم قال: «عد» فعاد، ثم قال: «قم فقد غفر الله لك».

وعن بلال بن يسار بن زيد-رضي الله عنه-قال: حدثني أبي عن جدّي: أنه سمع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من قال: أستغفر الله الّذي لا إله إلاّ هو الحيّ القيّوم، وأتوب إليه؛ غفر له؛ وإن كان فرّ من الزّحف». رواه أبو داود، والترمذيّ. وانظر الآية رقم [١٣٥] الآتية.

الإعراب: {الصّابِرِينَ:} صفة: {الَّذِينَ} أو بدل منه، وذلك على اعتباره في محل نصب، أو في محل جر، وأما على اعتباره في محل رفع؛ ف‍ {الصّابِرِينَ} يكون منصوبا بفعل محذوف، تقديره: أمدح، أو أعني، ونحو ذلك، وعلامة النصب، أو الجر فيه، وفيما بعده الياء نيابة عن الفتحة، أو الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وفي كلّ واحد منها ضمير مستتر، هو فاعله؛ لأنها كلّها أسماء الفاعلين.

{شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)}

الشرح: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ..}. إلخ: بيّن الله، وأعلم عباده بانفراده بالوحدانية. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: خلق الله تعالى الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة، فشهد لنفسه بنفسه قبل أن يخلق الخلق حين كان، ولم تكن سماء، ولا أرض، ولا بر، ولا بحر، فقال تعالى: {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ}.

{وَالْمَلائِكَةُ} أي: وشهد الملائكة. فمعنى شهادة الله تعالى: الإعلام، والإخبار. ومعنى شهادة الملائكة، والمؤمنين: الإقرار، والاعتراف بأنّه لا إله إلا هو. ولمّا كان كل واحد من هذين الأمرين يسمّى شهادة؛ حسن إطلاق الشهادة عليها. {وَأُولُوا الْعِلْمِ} أي: وشهد أولو العلم بأنّه لا إله إلا هو. وفيه دليل على فضل العلم، وشرف العلماء، فإنّه لو كان أحد أشرف من العلماء؛ لقرنهم الله باسمه، واسم ملائكته، كما قرن اسم العلماء؛ لذا قال في شرف العلم لنبيه صلّى الله عليه وسلّم: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} فلو كان شيء أشرف من العلم؛ لأمر الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم أن يسأله المزيد منه، كما أمره أن يستزيده من العلم. وخذ ما يلي:

<<  <  ج: ص:  >  >>