الشرح:{يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ:} هو ما رقّ من الحرير، والديباج. {وَإِسْتَبْرَقٍ:} هو ما غلظ منه، وهو فارسي اللفظ، أصله: استبره. واللفظ إذا عرب خرج من أن يكون عربيا أعجميا؛ لأنّ معنى التعريب: أن يجعل عربيا بالتصرف فيه، وتغييره عن منهاجه، وإجرائه على أوجه الإعراب، فساغ أن يقع في القرآن العربي. {مُتَقابِلِينَ:} لا يرى بعضهم قفا بعض، متواجهين يدور بهم مجلسهم حيث داروا.
فإن قيل: كيف وعد الله أهل الجنة بلبس الإستبرق، وهو غليظ الديباج كما قرره في كثير من السور، مع أنه عند أغنياء الدنيا عيب، ونقص؟ والجواب أن غليظ الديباج في الجنة، لا يساويه غليظ ديباج الدنيا حتى يعاب، كما أن سندس الجنة، وهو رقيق الديباج، لا يساويه سندس الدنيا.
الإعراب:{يَلْبَسُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والمفعول محذوف. {مِنْ سُندُسٍ:} متعلقان بمحذوف صفة المفعول المحذوف، دليله قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٣١]: {وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ}. {وَإِسْتَبْرَقٍ:} معطوف على ما قبله. {مُتَقابِلِينَ:}
حال من واو الجماعة، وجملة:{يَلْبَسُونَ..}. إلخ في محل رفع خبر ثان ل:{إِنَّ،} أو في محل نصب حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، أو هي مستأنفة، لا محلّ لها.
{كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٥٤)}
الشرح:{كَذلِكَ وَزَوَّجْناهُمْ:} وقرنّاهم؛ أي: وقرنّا بينهم وبين الحور كالقرن بين الزوجين في الدنيا، وليس هو من عقد التزويج، كما في الدنيا. قال يونس بن حبيب: تقول العرب: زوجته امرأة، وتزوجت امرأة، وليس من كلام العرب تزوجت بامرأة. و (حور): بيض جمع: حوراء، وهي التي يرى ساقها من وراء ثيابها، ويرى الناظر وجهه في كفيها كالمرآة من دقة الجلد، وبضاضة البشرة، وصفاء اللون. وفي القاموس: الحور بالتحريك: أن يشتد بياض العين، ويشتد سوادها، وتستدير حدقتها، وترق جفونها، وتبيضّ ما حواليها. {عِينٍ:} عظام العيون، شديدات بياضها، شديدات سوادها، ومنه قيل لبقر الوحش: عين، والثور أعين، والبقرة عيناء، وخذ ما يلي:
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مهور الحور العين قبصات التمر وفلق الخبز». أي: التصدق بذلك على الفقراء والمساكين. وعن أبي قرصافة (جندرة بن خيشنة الكناني) -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إخراج القمامة من المسجد