للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داود، وصح من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سجدنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في اقرأ، وإذا السماء انشقت، أخرجه مسلم، وسجود التلاوة سنة للقارئ والسامع والمستمع، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: واجب. انتهى. خازن بتصرف. وانظر ما ذكرته في مقدمة هذه السورة.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ:} انظر الآية رقم [١] وجملة: {آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول لا محل لها. {اِرْكَعُوا:} أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. وانظر إعراب (اشربي) في الآية رقم [٢٦] من سورة (مريم) عليهاالسّلام، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها، والجمل بعدها معطوفة عليها لا محل لها أيضا. {لَعَلَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها، والجملة الفعلية: {تُفْلِحُونَ} في محل رفع خبر (لعلّ)، والجملة الاسمية تعليل للأمر لا محل لها، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير فقط، التقدير: افعلوا هذه الأمور حالة كونكم راجين الفلاح. وفيه: أن الترجي إنشاء.

{وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اِجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاِعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٧٨)}

الشرح: {وَجاهِدُوا فِي اللهِ} أي: لله، ومن أجله أعداء دينه الظاهرة، كأهل الزيغ، والباطنة، كالهوى والنفس. {حَقَّ جِهادِهِ:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: هو استفراغ الطاقة. وعنه: أنه قال: لا تخافوا في الله لومة لائم، فهو حق الجهاد. وقيل: معناه: اعملوا لله حق عمله، واعبدوه حق عبادته. وقال مقاتل، وهبة الله: هذه الآية منسوخة، بقوله تعالى:

{فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فتكون مثل قوله تعالى في الآية رقم [١٠٢] من سورة (آل عمران): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ}.

وقال أكثر المفسرين: حق الجهاد أن يكون بنية صادقة خالصة لله، ولتكون كلمة الله هي العليا، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله». أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-. وقيل: مجاهدة النفس، والهوى هو حق الجهاد، وهو الجهاد الأكبر. روي: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما رجع من غزوة تبوك، قال: «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر». قيل: وما الجهاد الأكبر، قال: «جهاد النّفس». وانظر ما ذكرته في الجهاد في الآية رقم [٩٥] من سورة (النساء).

<<  <  ج: ص:  >  >>