وطريق رائغ، أي: مائل، قال صالح بن عبد القدوس:[الكامل]
لا خير في ودّ امرئ متقلّب... حلو اللسان وقلبه يتلهّب
يلقاك بحلف أنه بك واثق... وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللّسان حلاوة... ويروغ عنك كما يروغ الثعلب
أي: يميل عنك، كما يميل الثعلب في سيره. {فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ:} يخاطب الأصنام استهزاء بها كما يخاطب العقلاء؛ لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة في دعائهم لها، وعبادتهم إياها، ومثله:
{ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ} وقد رأيت أنهم كانوا يضعون الطعام بين يدي الأصنام ليأكلوه إذا رجعوا من عيدهم، وإنما تركوه لتصيبه بركة أصنامهم. {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ:} خص الضرب باليمين؛ لأنها أقوى، والضرب بها أشد. قاله الضحاك، والربيع بن أنس، والفراء، وانظر الآية رقم [٢٦]. وقيل: المراد باليمين: اليمين التي حلفها حين قال: {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} فجعل تلك الأوثان جذاذا، كما صرحت بذلك سورة (الأنبياء). وكانت اثنين وسبعين صنما، بعضها من حجر، وبعضها من خشب، وبعضها من ذهب، وبعضها من فضة، وبعضها من نحاس، وبعضها من حديد، وبعضها من رصاص، وكان كبيرها من ذهب مكللا بالجواهر، وكان في عينيه ياقوتتان تتقدان نورا، وهذا الذي علق الفأس برقبته، وتركه سالما، وعزى إليه تكسير سائر الأصنام؛ حيث قال:{بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ}.
{فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ:} إلى إبراهيم-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-بعد أن رجعوا، ورأوا أصنامهم مكسرة محطمة، وسألوا عن كاسرها. انظر المحاورة بينه وبينهم في سورة (الأنبياء). {يَزِفُّونَ:} يسرعون. قاله ابن زيد. وقال قتادة، والسدي: يمشون. وقال يحيى بن سلاّم: يرعدون غضبا. وقال مجاهد: يختالون، وهو مشي الخيلاء، ومنه: أخذ زفاف العروس إلى زوجها. قال الفرزدق:[الطويل]
وجاء قريع الشّول قبل إفالها... يزفّ وجاءت خلفه، وهي زفّف
والزفيف: عدو النعام؛ إذا أسرع، والدفيف طيران الطائر إذا أسرع في الحال؛ التي يكون فيها قريبا من الأرض، ففي الآية الكريمة استعارة الزفيف لسرعة الرجال، يقال: زف الرجل،