يرجح الأول يقول: إن الأولى لمعنى، والثانية لمعنى آخر. انتهى جمل نقلا عن السمين بتصرف. {عَهْدٍ:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وهو {مِنْ}. (إن): مخففة من الثقيلة مهملة.
{وَجَدْنا:} مثل سابقه. {أَكْثَرَهُمْ:} مفعول به أول، والهاء في محل جر بالإضافة.
{لَفاسِقِينَ} اللام: هي الفارقة بين المخففة، والنافية. (فاسقين): مفعول به ثان منصوب، وهذا الإعراب إنما هو إعراب البصريين، وقد توافرت الشروط لإهمالها، وهو إيلاؤها فعلا ناسخا، ووجود اللام في خبرها. قال ابن مالك-رحمه الله تعالى-: [الرجز]
وخفّفت إنّ فقلّ العمل... وتلزم اللام إذا ما تهمل
هذا؛ وأما الكوفيون؛ فيعتبرون:(إن) نافية بمعنى (ما) واللام بمعنى (إلا) والآية الكريمة مستأنفة معترضة بين المتعاطفين، وهو أولى من العطف على ما قبلها لاختلاف الفعلين بالماضي، والمضارع.
الشرح:{ثُمَّ:} حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور: التشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة، وفي كل منها خلاف مذكور في مغني اللبيب. وقد تلحقها تاء التأنيث الساكنة، كما تلحق «ربّ» و «لا» العاملة عمل «ليس»، فيقال: ثمّت، وربّت، ولات، والأكثر تحريك التاء معهن بالفتح. هذا؛ وثم هذه غير (ثمّ) بفتح الثاء، فإنها اسم يشار به إلى المكان البعيد، نحو قوله تعالى:{وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ}. وهي ظرف لا يتصرف، ولا يتقدمه حرف التنبيه، ولا يتصل به كاف الخطاب، وقد تتصل به التاء المربوطة، فيقال: ثمّة.
{بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ:} من بعد الرسل الذين تقدم ذكرهم في هذه السورة، أو من بعد الأمم الذين أهلكهم الله بمخالفة تلك الرسل. {مُوسى:} هو في الأصل: موشى بالشين مركبا من اسمين: الماء، والشجر، فالماء يقال له في العبرانية:(مو) والشجر يقال له: (شا) فعربته العرب، وقالت:«موسى» بالسين، وسبب تسميته بذلك: أن امرأة فرعون التقطته من نهر النيل بين الماء والشجر لما ألقته أمه فيه، كما هو مذكور في سورة (طه)، و (القصص). {فِرْعَوْنَ:}
قال الجمل: قال المسعودي: ولا يعرف لفرعون تفسير في العربية، وظاهر كلام الجوهري: أنه مشتق من معنى العتو، فإنه قال: والفراعنة: العتاة، وقد تفرعن، وهو ذو فرعنة، أي: دهاء، ومكر. وفرعون لقب لمن ملك العمالقة في مصر كقيصر لمن ملك الروم، وكسرى لمن ملك الفرس، والنجاشي لمن ملك الحبشة، وكان فرعون موسى-عليه السّلام-مصعب بن الريان،