للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ل‍: {مَرْيَمَ}. وقيل: هو منصوب باذكر، وذكر أبو البقاء، أوجها أربعة: أحدها: أنها ظرف العامل فيها محذوف، تقديره: اذكر خبر مريم إذ. والثاني: أن تكون حالا من المضاف المحذوف. الثالث: أن تكون منصوبة بفعل محذوف؛ أي: وبين إذ. والرابع: أن تكون بدلا من مريم بدل اشتمال. والمعتمد الأول. {اِنْتَبَذَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل مستتر يعود إلى {مَرْيَمَ} والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذِ} إليها. {مِنْ أَهْلِها:} متعلقان بما قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف حال، و (ها) في محل جر بالإضافة. {مَكاناً:} ظرف مكان متعلق بما قبله، ويجوز أن يكون مفعولا به على أنّ معنى {اِنْتَبَذَتْ} أتت مكانا. أفاده السمين.

{شَرْقِيًّا:} صفة مكانا، وجملة: {وَاذْكُرْ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين بالواو.

{فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧)}

الشرح: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً} أي: وضعت، وضربت بينها وبين قومها سترا يمنعهم من رؤيتها. وقيل: جلست وراء جدار. وقيل: قعدت في مشرفة للاغتسال من الحيض محتجبة بشيء يسترها، وكانت إذا حاضت تتحول من المسجد إلى بيت خالتها امرأة زكريا، وتعود إليه إذا طهرت، فبينما هي في مغتسلها أتاها جبريل عليه السّلام متمثلا بصورة شاب أمرد، سوي الخلق لتأنس بكلامه، ولعله ليهيج شهوتها فتنحدر نطفتها إلى رحمها. هذا؛ وقد عبر سبحانه عن جبريل بالروح، وأضافه إلى نون العظمة تشريفا له، وتكريما، وتمثله لها بصورة شاب حسن الصورة شبيه بتمثله للنبي صلّى الله عليه وسلّم بصورة دحية الكلبي.

الإعراب: (اتخذت): ماض، والتاء للتأنيث، والفاعل يعود إلى مريم. {مِنْ دُونِهِمْ:}

متعلقان به، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {حِجاباً} على مثال ما رأيت في الآية رقم [٤]، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {اِنْتَبَذَتْ..}. إلخ فهي في محل جر مثلها. {فَأَرْسَلْنا:}

فعل، وفاعل، {إِلَيْها:} متعلقان بما قبلهما. {رُوحَنا:} مفعول به، و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها أيضا. {فَتَمَثَّلَ:} ماض، والفاعل يعود إلى روحنا. {لَها:} متعلقان به. {بَشَراً:} حال موطئة للصفة بعدها، وهو: {سَوِيًّا،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها أيضا.

{قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨)}

الشرح: {قالَتْ..}. إلخ: وقولها هذا كان حين رأت جبريل عليه السّلام يقصد نحوها بادرته من بعيد، والمعنى: إني أستجير بالرحمن منك أن تبتعد عني إن كنت ممّن يتقي الله ويخافه. فدل تعوذها من تلك الصورة الحسنة على شدة عفتها، وكمال ورعها، وتعوذها منه إن كان تقيا على

<<  <  ج: ص:  >  >>