للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المذموم». هذا؛ وأجيز اعتبار {ما} موصولة وموصوفة ومصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل رفع فاعل {ساءَ،} والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، وتقديره الكلام. {ساءَ} الذي، أو: شيء يحكمون به، وعلى اعتبار {ما} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل رفع فاعل، التقدير: ساء حكمهم، وانظر الآية رقم [٣٢] والإعراب الأول هو المعروف، والمشهور، ويؤيده ذكر التمييز منصوبا صريحا في الآية رقم [٩٧] (النساء) وأيضا رقم [١١٥] منها و [٣٨] منها وهو كثير في القرآن الكريم. هذا؛ وجملة: {ساءَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١٣٧)}

الشرح: {وَكَذلِكَ:} انظر التقدير في الإعراب، فإنه سيتضح لك الأمر. {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ..}. إلخ: وفي هذه الجملة قراءات كثيرة، والمتواتر منها ثنتان: الأولى قراءة العامة مبنيّا للفاعل... إلخ وهذه القراءة واضحة المعنى والتركيب وقرأ ابن عامر «(زيّن)» مبنيّا للمفعول، ورفع «(قتل)» على أنه نائب فاعل، ونصب «أولدهم» على أنه مفعول به للمصدر، وشركائهم بالجر على أن المصدر مضاف إليه. قال البيضاوي: وهو ضعيف في العربية معدود من ضرورات الشعر كقول الشاعر: [مجزوء الكامل]

فزججتها بمزجّة... زجّ القلوص أبي مزاده

وقد دافع عن هذه القراءة سليمان الجمل دفاعا شديدا. {شُرَكاؤُهُمْ} أي: من الجن، أو من السدنة. وانظر الآية رقم [٣٤] من سورة (يونس). {لِيُرْدُوهُمْ:} ليهلكوهم بالإغواء، والتزيين.

{وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ:} وليخلطوا عليهم دينهم، وهو دين إسماعيل الصحيح الذي ورثه من أبيه إبراهيم، عليهما الصلاة والسّلام، أو ما وجب عليهم أن يتدينوا به. وقراءة الجمهور بكسر الباء من: لبست عليه الأمر، ألبسه بفتح الباء في الماضي، وكسرها في المضارع؛ إذا أدخلت عليه الشبهة، وخلطته فيه. وقرأ النخعي: «(وليلبسوا)»: بفتح الباء، والصحيح: أن لبس بالكسر بمعنى لبس الثياب، وبالفتح بمعنى الخلط، والصحيح أنه استعار اللبس لشدة المخالطة الحاصلة بينهم وبين التخليط حتى كأنهم لبسوها كالثياب، وصارت محيطة بهم انتهى جمل نقلا عن السمين.

وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٩]. {وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ..}. إلخ: أي ما فعل المشركون ما زين لهم، أو ما فعل شركاء التزيين، أو ما فعل الفريقان شيئا من ذلك. وانظر الآية رقم [١١٢] ففيها الكفاية. هذا؛ وانظر قتل الأولاد في الآية رقم [١٤٠] الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>