فقد استكمل أسباب القسوة، والجراءة على الله، وعلى عباده، ولم يترك كبيرة إلا ارتكبها. انتهى.
نسفي.
الإعراب:(قال موسى): ماض، وفاعله. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {عُذْتُ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول. {بِرَبِّي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة. {وَرَبِّكُمْ:}
معطوف على ما قبله، والكاف وياء المتكلم كلاهما في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله. وفاعله مستتر فيه. {مِنْ كُلِّ:} متعلقان بالفعل: {عُذْتُ،} و {كُلِّ} مضاف، و {مُتَكَبِّرٍ} مضاف إليه. {لا:} نافية. {يُؤْمِنُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{كُلِّ مُتَكَبِّرٍ،} والجملة الفعلية في محل جر صفة له. هذا؛ وإن اعتبرت {مُتَكَبِّرٍ} صفة لموصوف محذوف، فالجملة تصلح لأن تكون صفة ثانية للموصوف المحذوف، وأن تكون في محل نصب حال منه بعد وصفه. {بِيَوْمِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (يوم) مضاف، و {الْحِسابِ} مضاف إليه، وجملة:{وَقالَ مُوسى..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها أيضا.
الشرح:{وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ..}. إلخ: المعتمد: أنه كان من القبط، وابن عم فرعون، واسمه: شمعان بالشين، أو بالسين. وقيل: حزقيل. وقيل اسمه: حبيب، وليس بشيء؛ لأن حبيب النجار ذكرته في سورة (يس)، ولم يكن من آل فرعون مؤمن غيره، وغير امرأة فرعون، وغير المؤمن الذي أنذر موسى فقال:{إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ}. قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: وهو الذي نجا مع موسى، عليه السّلام. وقال مقاتل-رحمه الله تعالى-:
هو نفسه الذي أنذر موسى، وهو المراد بقوله تعالى:{وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى..}. إلخ رقم [٢٠] من سورة (القصص). {يَكْتُمُ إِيمانَهُ:} يخفي إيمانه. هذا؛ و «كتم» من باب: نصر، وربما عدي إلى مفعولين، فيقال: كتمت زيدا الحديث، وتزاد «من» جوازا في المفعول الأول، فيقال: كتمت من زيد الحديث، وكتم الشيء: بالغ في كتمانه، واكتتم الشيء: اصفرّ. هذا؛ والكتم، والكتمان: نبت يخضب به الشعر، ويصنع منه مداد الكتابة. ورحم الله البوصيري؛ إذ يقول:[البسيط]
فإنّ أمّارتي بالسّوء ما اتّعظت... من جهلها بنذير الشّيب والهرم