للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {فَقُلْ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، و (إن) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. {مِثْلَ:} صفة {صاعِقَةً،} و {مِثْلَ} مضاف، و {صاعِقَةً} مضاف إليه، و {صاعِقَةً:} مضاف، و {عادٍ:} مضاف إليه. {وَثَمُودَ:} معطوف على ما قبله مجرور مثله، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والتأنيث؛ لأن المراد به القبيلة، وهي مؤنثة.

{إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (١٤)}

الشرح: {إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ:} الضمير المنصوب واقع على: {عادٍ وَثَمُودَ} والجمع باعتبار الجمعية التي في القبيلتين من حيث الأفراد، والمراد بالرسل: هود، وصالح، ومن قبلهما من الرسل، لكن مجيء هود، وصالح لهاتين القبيلتين حقيقي، ومجيء من قبلهما لهاتين القبيلتين على ضرب من التسمح، على تنزيل مجيء كلامهم، ودعوتهم إلى الحق منزلة مجيء أنفسهم، فإن هودا، وصالحا كانا داعيين لهاتين القبيلتين إلى الإيمان بهما، وبجميع الرسل ممن جاء قبلهما. انتهى. جمل نقلا من أبي السعود.

{مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ:} أتوهم من جميع جوانبهم، واجتهدوا بهم من كل جهة، أو من جهة الزمن الماضي بالإنذار عما جرى فيه على الكفار، ومن جهة المستقبل بالتحذير عما أعد لهم في الآخرة، وكل من اللفظين يحتملهما، أو من قبلهم، ومن بعدهم؛ إذ قد بلغهم خبر المتقدمين، وأخبرهم هود، وصالح عن المتأخرين، داعين، إلى الإيمان بهم أجمعين، ويحتمل أن يكون عبارة عن الكثرة، كقوله تعالى في سورة (النحل) [١١٢]: {يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ}. انتهى. بيضاوي بحروفه.

هذا؛ والتعبير عن الأمام والخلف بقوله تعالى: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} كثير في القرآن الكريم وإن اختص كل موضع بتفسير حسب مقتضيات الأحوال، وإختلافها، فمثلا قوله تعالى: {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ} في الآية رقم [٢٨] من سورة (الأنبياء)، ومثلها في سورة (سبأ) رقم [٩] يفسر بغير ما في آية (طه) رقم [١١٠] وكلتاهما تخالفان معنى قوله تعالى: {لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا} الآية رقم [٦٤] من سورة (مريم) على نبينا، وحبيبنا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام، وهكذا، وكله يخرج على الاستعارة.

{قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا:} إرسال الرسل، أو لو شاء ربنا إنزال ملائكة بالرسل إلى الإنس؛ لأنزل إليهم بها ملائكة. {فَإِنّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ:} فيه تغليب المخاطب على الغائب، فغلبوا هودا

<<  <  ج: ص:  >  >>