للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦)}

الشرح: {وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ:} من عقر، أو ضرب. والسوء: الشر، والفساد، والجمع:

أسواء، وهو بضم السين من: ساءه، وهو بفتح السين المصدر، تقول: رجل سوء بالإضافة، ورجل السّوء، ولا تقول: الرجل السّوء، وتأنيثه: السّوأى، كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى}. هذا؛ وقد نهاهم صالح عليه السّلام عن المسّ الذي هو مقدمة الإصابة بالسوء، الجامع لأنواع الأذى، مبالغة في النهي، كما في قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها} وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٤٨] و [٤٩] من سورة (النمل) فإنه جيد.

{فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ:} هذا؛ ووصف اليوم الذي يقع فيه العذاب بالعظم، وهو أبلغ من وصف العذاب؛ لأن الوقت إذا عظم بسببه كان موقعه من العظام أشد. هذا؛ وقد وصفه بسورة (هود) ب‍: {قَرِيبٌ}.

الإعراب: {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تَمَسُّوها:} فعل مضارع مجزوم ب‍ (لا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، و (ها): مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا. {فَيَأْخُذَكُمْ:} الفاء: للسببية.

(يأخذكم): فعل مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد الفاء، والكاف مفعول به. {عَذابُ:}

فاعل، وهو مضاف، و {يَوْمٍ} مضاف إليه. {عَظِيمٍ:} صفة {يَوْمٍ}. وإن اعتبرته صفة {عَذابُ؛} فيكون قد جر على الجوار، و «أن» المضمرة، والفعل المضارع في تأويل مصدر معطوف بالفاء على مصدر متصيد من الفعل السابق، التقدير: لا يكن منكم مسّ للناقة، فأخذ لكم بسببه عذاب عظيم.

وجملة (لا تمسوها...) إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب مقول القول أيضا.

{فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧)}

الشرح: روي: أن رجلا منهم يقال له: مسطح ألجأ الناقة إلى مضيق في شعب، فرماها بسهم، فأصاب رجلها، فسقطت، ثم ضربها قدار بن سالف برضاهم. وروي: أن عاقرها قال:

لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين. فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها، فيقولون: أترضين؟ فتقول: نعم، وكذلك صبيانهم رضوا بذلك، وندمهم المذكور لم يكن توبة، بل ندم على عقرها لمّا رأوا مقدمات العذاب؛ الذي توعدهم به صالح في ثلاثة أيام التي صرحت بها آية هود، وهي قوله تعالى: {فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} كما أن ندم قابيل لم يكن توبة من قتل أخيه هابيل، بل ندم على حمله، كما رأيت في سورة (المائدة)، أو ندموا حين لا ينفع الندم، وذلك عند معاينة العذاب. هذا؛ والعقر في الأصل: قطع عرقوب

<<  <  ج: ص:  >  >>