للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِنْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فِدْيَةٌ:} نائب فاعل، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها؛ إن كانت من قول المؤمنين للمنافقين، ومستأنفة؛ إن كانت من قول الله تعالى، أو من قول الملائكة للمنافقين. {وَلا:} (الواو): حرف عطف. (لا): نافية، ويقال: صلة لتأكيد النفي. {مِنَ الَّذِينَ:} جار ومجرور معطوفان على قوله: {مِنْكُمْ،} وجملة: {كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها. {مَأْواكُمُ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والكاف في محل جر بالإضافة. {النّارُ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة، أو هي معطوفة على ما قبلها، لا محل لها على الاعتبارين، والمخصوص بالذم محذوف، التقدير: هي النار.

{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦)}

الشرح: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ؟ أي يقرب ويحين. قال الشاعر: [الطويل] ألم يأن لي يا قلب أن أترك الجهلا... وأن يحدث الشّيب المبين لنا عقلا؟!

وماضيه: أنى، يأني مثل: رمى، يرمي، ويقال: آن لك أن تفعل كذا، يئين أينا؛ أي:

حان، مثل: أنى لك، وهو مقلوب منه، وأنشد ابن السكيت: [الطويل] ألمّا يئن لي أن تجلّى عمايتي... وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا

فجمع بين اللغتين: {أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ:} والمعنى أما حان للمؤمنين أن ترق قلوبهم، وتلين قلوبهم لمواعظ الله. {وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} أي: ولما نزل من آيات القرآن المبين.

{وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ} يعني: اليهود، والنصارى، وذلك أن بني إسرائيل كان الحق يحول بينهم وبين شهواتهم، وإذا سمعوا التوراة، والإنجيل؛ خشعوا لله، ورقت قلوبهم، فلما طال عليهم الزمان؛ غلبهم الجفاء، والقسوة، واختلفوا، وأحدثوا ما أحدثوا من التحريف، والتزييف للتوراة، والإنجيل.

{فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} أي: الزمان الذي بينهم وبين أنبيائهم. {فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ:} باتباع الشهوات، وارتكاب المعاصي؛ حتى صلبت، وصارت كالحجارة، أو أشد قسوة. قال تعالى مخاطبا لليهود اللؤماء في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم في سورة (البقرة) الاية رقم [٧٤]: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ}. هذا؛ وقال تعالى في سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>