للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠)}

الشرح: {إِنَّ إِبْراهِيمَ:} انظر شرح {إِبْراهِيمَ} ونسبه... إلخ في الآية رقم [٣٥] من السورة المسماة باسمه. {أُمَّةً:} انظر الآية رقم [٣٦] وإنما أطلق على {إِبْراهِيمَ} عليه السّلام لفظ {أُمَّةً؛} لأنه اجتمع فيه من صفات الكمال، وصفات الخير، والأخلاق الحميدة ما اجتمع في أمة كاملة، ومنه قول أبي نواس: [السريع]

ليس على الله بمستنكر... أن يجمع العالم في واحد

ثم للمفسرين في هذه اللفظة أقوال: أحدها: قول ابن مسعود-رضي الله عنه-: الأمة:

معلم الخير. الثاني: قال مجاهد: إنه كان مؤمنا وحده، والناس كلهم كفار، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في زيد بن عمرو بن نفيل: «يبعثه الله أمة وحده». وإنما قال فيه هذه المقالة؛ لأنه كان قد فارق الجاهلية، وما كانوا عليه من عبادة الأصنام. الثالث: قال قتادة: ليس من أهل دين، إلا وهم يتولونه، ويرضونه. وقيل غير ذلك. {قانِتاً لِلّهِ:} مطيعا خاضعا لله، قائما بأوامره، منتهيا عن نواهيه. {حَنِيفاً} أي: مائلا عن كل دين باطل إلى دين الحق، قال الشاعر: [الوافر]

ولكنّا خلقنا إذ خلقنا... حنيفا ديننا عن كلّ دين

هذا؛ والحنف: الميل في القدمين. «وما كان من المشركين:» تعريض باليهود، والنصارى، ومشركي العرب، فإنهم ينتسبون إلى إبراهيم، ويدعون اتباعه، والاقتداء به، وهم مشركون. وهو سبب ربط الآية بما قبلها.

الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {إِبْراهِيمَ:} اسمها. {كانَ:} ماض ناقص، واسمه يعود إلى {إِبْراهِيمَ}. {أُمَّةً:} خبر كان. {قانِتاً:} خبر ثان. {لِلّهِ:} متعلقان ب‍: {قانِتاً} لأنه اسم فاعل، وفاعله مستتر فيه. {حَنِيفاً:} خبر ثالث، وجملة: {كانَ..}. إلخ في محل رفع خبر {إِنَّ،} وجملة: {إِنَّ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَلَمْ:} الواو: واو الحال. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم. {يَكُ:} مضارع ناقص مجزوم ب‍: (لم)، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة للتخفيف، واسمه مستتر تقديره: «هو» يعود إلى {إِبْراهِيمَ}. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر {يَكُ} وجملة: {وَلَمْ يَكُ..}. إلخ في محل نصب حال من اسم كان المستتر، والرابط: الواو، والضمير، أو هي معترضة كما ستقف عليه في الآية التالية.

{شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اِجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١)}

الشرح: {شاكِراً:} انظر شرح (الشكر) في الآية رقم [٧] و [٣٧] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام. {لِأَنْعُمِهِ:} انظر الآية رقم [١١٢]. وقال البيضاوي: ذكر بلفظ القلة للتنبيه على أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>