للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرون والمنافقون بإيحاء من الشيطان؛ فالمؤمنون يتوكلون على الله. وعلى هذا فالواو ليست زائدة، وإنما هي حرف استئناف، وتكون الفاء هي الفصيحة، أفصحت عن شرط مقدر، التقدير:

وإذا رأى المؤمنون الكافرين، والمنافقين يتناجون؛ فليتوكلوا على الله، وتكون الجملة الشرطية مستأنفة، لا محل لها. ولا يخفى ما فيه من التكلف.

تنبيه: ذكرت هذه الجملة في الاية رقم [١٢٢] و [١٦٠] من سورة (آل عمران)، وفي الاية رقم [١١] من سورة (المائدة) وفي الاية رقم [٥١] من سورة (التوبة)، وفي الاية رقم [٦٧] من سورة (يوسف). وفي الاية رقم [١١] و [١٢] من سورة (إبراهيم)، وفي الاية رقم [٣٨] من سورة (الزمر)، وفي الاية رقم [١٣] من سورة (التغابن).

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ اُنْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} هذا نداء من الله تعالى للمؤمنين بأكرم وصف، وألطف عبارة؛ أي: يا من صدقتم الله، ورسوله، وتحليتم بالإيمان الذي هو زينة الإنسان. {إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا} أي: إذا قال لكم أحد: توسعوا في المجالس، سواء كان مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو غيره من المجالس، فتوسعوا، وافسحوا له. {يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} أي: يوسع لكم ربكم في رحمته، وجنته، ورضوانه. {وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا} أي: وإذا قيل لكم: أيها المؤمنون انهضوا من المجلس، وقوموا؛ لتوسعوا لغيركم؛ فارتفعوا منه، وقوموا. هذا؛ والنشز: الارتفاع مأخوذ من: نشز الأرض، وهو ارتفاعها، يقال: نشز، ينشز؛ إذا انتحى من موضعه؛ أي: ارتفع منه. وامرأة ناشز؛ أي: مترفعة عن طاعة زوجها.

{يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ} أي: يرفع الله المؤمنين بامتثال أوامره، وأوامر رسوله-والعالمين منهم خاصة-أعلى المراتب، ويمنحهم أعلى الدرجات الرفيعة في الجنة. هذا؛ وقال مقاتل بن حيان-رحمه الله تعالى-: أنزلت هذه الاية يوم الجمعة، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يومئذ في الصّفّة، وفي المكان ضيق، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين، والأنصار، فجاء ناس من أهل بدر، وقد سبقوا إلى المجالس، فقاموا حيال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: السّلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته! فرد النبي صلّى الله عليه وسلّم عليهم، ثم سلموا على القوم بعد ذلك، فردوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فعرف النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يحملهم على القيام، فلم يفسح لهم، فشق ذلك على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال لمن حوله من المهاجرين،

<<  <  ج: ص:  >  >>