فهو اسمها، و {لِلّهِ} خبرها، وعلى الاعتبارين فهي واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع خبر آخر... إلخ، هذا؛ وقيل: إن {أَنِ} مفسرة والجملة بعدها لا محل لها؛ لأنها تفسيرية، ولا وجه له؛ لأن المبتدأ يبقى بلا خبر، والجملة الاسمية:{وَآخِرُ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.
الشرح:{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ..}. إلخ: المعنى ولو يعجل الله للناس إجابة طلبهم ودعائهم في الشر بما لهم فيه مضرة ومكروه في نفس أو مال، كما يحبون أن يعجل لهم إجابة دعائهم بالخير؛ لأهلكوا وماتوا جميعا، ولكن الله لطيف بعباده، رحيم بخلقه. لا يعجل لهم إجابة دعائهم في الشر، وإن عجل لهم إجابة دعائهم في الخير، والمراد بأجلهم: أجل حياتهم في الدنيا. {فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ..}. إلخ: أي: فنترك الكافرين الذين لا يخافون لقاءنا يترددون ويتحيرون في متاهات ضلالهم، وكفرهم وعنادهم، إمهالا، لا إهمالا، واستدراجا لهم.
هذا؛ والعمه: التحير والتردد، وهو قريب من العمى، لكن العمى يطلق على ذهاب نور العين، وعلى الخطأ في الرأي، والعمه لا يطلق إلا على الثاني، وفي المصباح، عمه عمها من باب تعب: إذا تردد، وتحير، وتعامه مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء: إذا لم يكن فيها أمارات تدل على النجاة، فهو عمه وأعمه، وهذا الفعل لم أر له ماضيا ولا أمرا، فيظهر أنه فعل جامد لا يأتي منه غير المضارع، وإن ذكر في كتب اللغة ماض له، لكنه لم يستعمل، ولم يتداول.
بعد هذا فالتعجيل: تقديم الشيء عن وقته، والاستعجال طلب العجلة، وسأحدثك عن العجلة في الآية رقم [١] من سورة (النحل)، إن شاء الله تعالى. {لَقُضِيَ}: انظر الآية رقم [٤٤] الأنفال، هذا؛ ويقرأ الفعل بالبناء للمعلوم، وبالبناء للمجهول، كما يقرأ «لقضينا»، وفي الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم، انظر الآية رقم [٥٠].
تنبيه: نزلت الآية في أهل مكة حين طلبوا نزول العذاب، وانظر الآية رقم [٣٢] الأنفال، وقال مجاهد: نزلت في الرجل يدعو على نفسه أو ماله، أو ولده إذا غضب... إلخ، فلو استجيب ذلك منه كما يستجاب الخير؛ لقضي إليهم أجلهم-انتهى. فالآية ذامة لخلق ذميم هو في بعض الناس، يدعون في الخير، فيريدون تعجيل الإجابة، ثم يحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر، فلو عجل لهم لهلكوا. انتهى. قرطبي. وانظر الآية رقم [٦] من سورة (الرعد)، أقول: وينبغي أن تذكر الآية قوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً} الإسراء [١١]، هذا؛ واختلف في هذا الدعاء، فروي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنّي