للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنّى يُصْرَفُونَ (٦٩)}

الشرح: {أَلَمْ تَرَ:} ألم تنظر نظر تبصر واعتبار. {إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ:} في القرآن {أَنّى يُصْرَفُونَ} كيف يجادلون فيه، ويصرفون عنه، فلم يهتدوا به؟! فهو تعجيب من أحوالهم الشنيعة، وآرائهم الركيكة، وتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بكل القرآن، وبسائر الكتب، والشرائع، وترتيب الوعيد على ذلك، كما أن ما سبق من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ..}. إلخ بيان لابتناء جدالهم على معنى فاسد، لا يكاد يدخل تحت الوجود، فلا تكرار فيه؛ أي: انظر إلى هؤلاء المكابرين المجادلين في آيات الله الواضحة الموجبة للإيمان بها، الزاجرة عن الجدال فيها؛ كيف يصرفون عنها بالكلية. انتهى. جمل نقلا من أبي السعود.

وقال النسفي: ذكر الجدال في هذه السورة في ثلاثة مواضع، فجاز أن يكون في ثلاثة أقوام، أو ثلاثة أصناف، أو للتأكيد. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام، وتقرير. (لم): حرف نفي، وقلب، وجزم.

{تَرَ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لم) وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الألف، والفتحة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت»، وانظر تقدير المصدر في الشرح. {إِلَى الَّذِينَ:} متعلقان بما قبلهما، وجملة: {يُجادِلُونَ..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الفعلية: {أَلَمْ تَرَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {أَنّى:} اسم استفهام بمعنى: «كيف؟» مبني على السكون في محل نصب حال من واو الجماعة. هذا؛ وإن اعتبرتها للمكان-كما هو أصل معناها-فتكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلقة بما بعدها، ويكون المعنى: فأين تصرفون؟ {يُصْرَفُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع... إلخ، والواو نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.

{الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠)}

الشرح: {الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ} أي: بالقرآن، أو بجنس الكتب السماوية. {وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا:} من سائر الكتب، أو الوحي، أو الشرائع. وانظر شرح (الرسل) في الآية رقم [١] من سورة (الأحزاب). {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ:} فيه تهديد شديد ووعيد أكيد من الله تعالى لهؤلاء المكذبين، كما قال تعالى في كثير من الآيات: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}. هذا؛ وصيغة الماضي للدلالة على التحقق، كما أن صيغة المضارع في الصلة الأولى للدلالة على تجدد المجادلة، وتكرارها.

<<  <  ج: ص:  >  >>