{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٩٦)}
الشرح: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ}: يحلف لكم المنافقون إذا رجعتم من سفركم هذا:
إنهم ما قدروا على الخروج معكم إلى غزوة تبوك بسبب الفقر ونحوه؛ لإرضائكم. فتدوموا على مودتهم، وحسن معاملتهم. {فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} أي: بسبب أيمانهم، وتصدقوهم.. {فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى..}. إلخ، والمعنى: إن رضاكم لا يستلزم رضا الله. ورضاكم وحدكم لا ينفعهم إذا كانوا بسخط الله وبصدد عقابه، أو المعنى إن أمكنهم أن يلبسوا عليكم؛ لا يمكنهم أن يلبسوا على الله.
فلا يهتك سترهم، ولا ينزل الهوان بهم، والمقصود من الآية: النهي عن الرضى عنهم، والاغترار بمعاذيرهم، بعد الأمر بالإعراض عنهم، وعدم الالتفات إليهم. انتهى. بيضاوي بتصرف.
الإعراب: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ..}.: انظر الإعراب، وتقدير الجواب في الآية السابقة. والجملة الفعلية: {يَحْلِفُونَ..}. إلخ بدل مما قبلها في الآية السابقة. {فَإِنْ}: الفاء:
حرف تفريع واستئناف. (إن): حرف شرط جازم. {لِتَرْضَوْا}: مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {عَنْهُمْ}: متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فَإِنْ}:
الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إن): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ}: اسمها. {لا}: نافية.
{يَرْضى}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر. والفاعل يعود إلى {اللهَ} والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إن). {عَنِ الْقَوْمِ}: متعلقان بالفعل قبلهما.
{الْفاسِقِينَ}: صفة القوم مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية: {فَإِنَّ اللهَ..}. إلخ. في محل جزم جواب الشرط، هذا هو الظاهر، وعند التأمل يتبين لك أن الجواب محذوف، التقدير: فإن ترضوا عنهم، فإن رضاكم لا ينفعهم شيئا، وعليه فالجملة الاسمية مفيدة للتعليل، وإن ومدخولها كلام مستأنف مفرع عما قبله لا محل له.
{الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧)}
الشرح: {الْأَعْرابُ}: انظر الآية رقم [٩٠]. {أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً}: من أهل الحضر، لتوحشهم، وقساوتهم، وعدم مخالطتهم لأهل العلم، وقلة استماعهم لآيات القرآن، وأحاديث سيد الأنام صلّى الله عليه وسلّم. {وَأَجْدَرُ أَلاّ يَعْلَمُوا حُدُودَ..}. إلخ: أي: هم أحق بعدم معرفة ما أنزل الله على