وبالجملة: فالكتاب هو نعم الذخر، والعدة، والشغل، والحرفة، جليس لا يضرك، ورفيق لا يملّك، يطيعك بالليل طاعته بالنهار، ويطيعك في السفر طاعته في الحضر، إن ألفته؛ خلد على الأيام ذكرك، وإن درسته؛ رفع بين الخلائق قدرك.
الإعراب:{وَما:} الواو: واو الحال، أو حرف استئناف. (ما): نافية. {تَفَرَّقَ:} فعل ماض. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} والرابط: الواو فقط، أو هي مستأنفة، وهو الأقوى. {أُوتُوا:}
فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول به الأول.
{الْكِتابَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها. {إِلاّ:} حرف حصر. {مِنْ بَعْدِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال مستثنى من عموم الأحوال. {ما:}
مصدرية. {جاءَتْهُمُ:} فعل ماض، والهاء مفعول به، والتاء للتأنيث حرف لا محل له.
{الْبَيِّنَةُ:} فاعله، و {ما} والفعل (جاء) في تأويل مصدر في محل جر بإضافة {بَعْدِ} إليه.
الشرح:{وَما أُمِرُوا} أي: أمر الذين تفرقوا بشأن محمد صلّى الله عليه وسلّم وهم: اليهود، والنصارى أمروا في التوراة، والإنجيل. {إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ} أي: أن يعبدوا الله، ويوحدوه وحده، ولا يشركوا معه أحدا في العبادة، ويخلصوا له في الطاعة. {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ:} انظر {الدِّينَ} في الآية رقم [١٧] من سورة (الانفطار). هذا؛ والعبادة: غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولذا يحرم السجود لغير الله تعالى. وقيل: العبودية أربعة: الوفاء بالعهود، والرضا بالموجود، والحفظ للحدود، والصبر على المفقود، وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: يقول الله عز وجل: «أنا والإنس في نبأ عظيم! أخلق ويعبد غيري، وأرزق؛ ويشكر غيري». هذا؛ وقد أمر الله بالإخلاص؛ لأنه رأس العبادات في التوحيد، واتباع الأوامر، واجتناب النواهي، كيف لا وقد قال الله تبارك وتعالى في سورة (الزمر) رقم [٣]: {أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ} أي: من الشرك والرياء والنفاق. وقال جل ذكره في سورة (غافر) رقم [١٤]: {فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ}(١٤) وخذ من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما يلي: