للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة. (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو. (أبت): منادى منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، والمعوض عنها التاء كما رأيت في الشرح. {إِنِّي}:

حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {رَأَيْتُ}: فعل وفاعل. {أَحَدَ عَشَرَ}: جزءان عدديان مبنيان على الفتح في محل نصب مفعول به. {كَوْكَباً}: تمييز. {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}:

معطوفان على {أَحَدَ عَشَرَ}. {رَأَيْتُهُمْ}: فعل وفاعل ومفعول به، والجملة الفعلية مؤكدة لما قبلها، فيكون: {ساجِدِينَ} مفعولا به ثانيا للفعل الأول، أو هي مستأنفة لا محل لها، فيكون:

{ساجِدِينَ} مفعولا به ثانيا لهذا الفعل، ويكون مفعول الأول محذوفا. {لِي}: متعلقان ب‍ {ساجِدِينَ} بعدهما، والكلام {يا أَبَتِ..}. إلخ في محل نصب مقول القول. وجملة:

{رَأَيْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن).

{قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥)}

الشرح: {قالَ} أي: يعقوب أبو يوسف. {يا بُنَيَّ}: تصغير (ابن) صغره للشفقة، أو لصغر سنه كما رأيت فيما سبق، وانظر إعلاله في الآية رقم [٤٢] من سورة (هود) عليه السّلام. {لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ} أي: لا تخبرهم برؤياك، فإنهم يعرفون تأويلها، وانظر شرح {نَقُصُّهُ} في الآية رقم [١٠٠] من سورة (هود). {فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً} أي: فيحتالوا لإهلاكك حيلة، فهم يعقوب عليه السّلام من رؤيا يوسف أن الله يصطفيه برسالته، ويفوقه على إخوته، فخاف على حسدهم، وبغيهم، لذا فقد أمره بكتمان رؤياه عنهم؛ لأن رؤيا الأنبياء حق. {إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}: بين العداوة، كما فعل بآدم، وحواء عليهما السّلام، فلذا لا يألو جهدا في إثارة الحقد، والحسد، والبغضاء في قلوبهم؛ حتى يحملهم على الكيد.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-بين رؤيا يوسف هذه، وبين تحققها بمصر، واجتماعه بأبويه، وإخوته أربعون سنة، وقال النووي: قال المازني: مذهب أهل السنّة في حقيقة الرؤيا: أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان، فإذا كانت تلك الاعتقادات تسر خلقها الله بغير حضرة الشيطان، وإذا كانت تغم خلقها بحضرته، فهذا معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الرّؤيا من الله والحلم من الشّيطان» وليس معناه أن الشيطان يفعل شيئا.

وروى البخاري عن أبي سلمة قال: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الرّؤيا الصّالحة

<<  <  ج: ص:  >  >>