للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن هشام في قطر الندى: وهاتان اللغتان قبيحتان، والأخيرة أقبح من التي قبلها، وينبغي أن لا تجوز إلا في ضرورة الشعر، وقال الخضري في حاشيته على ابن عقيل: ضرورة، لكن الأولى أهون لذهاب صورة الياء المعوض عنها، بل قيل: لا ضرورة فيه؛ لأن هذه الألف لم تنقلب عن الياء، بل هي التي تلحق المنادى البعيد والمندوب، والمستغاث، فتكون لغة عاشرة. والله أعلم.

-أقول: وإنما كانت هاتان اللغتان قبيحتين؛ لأنه جمع بين العوض، وهو التاء، والمعوض عنه، وهو الياء المنقلبة ألفا، أو غير المنقلبة، وقد أجاز بعضهم ضم التاء لشبهها بتاء التأنيث، فأما الوقف على هذا الاسم فبالتاء عند قوم لأنها ليست للتأنيث، فيبقى لفظها دليلا على المحذوف، وبالهاء عند آخرين شبهوها بهاء التأنيث.

{إِنِّي رَأَيْتُ}: من الرؤيا المنامية، لا من الرؤية البصرية، بدليل الآية التالية. {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}: فالمراد بالكواكب: إخوته، وبالشمس: أمه، أو خالته، وبالقمر: أبوه، وكانت هذه الرؤيا ليلة الجمعة، وكانت ليلة القدر، وكانت سن يوسف عليه السّلام اثنتي عشرة سنة، وهو الأصح، والمراد بالسجود: تواضعهم له، ودخولهم تحت أمره، وقيل: أراد به حقيقة السجود؛ لأن التحية كانت في ذلك الزمن بالسجود.

فعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-أن يهوديا جاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أخبرني يا محمد عن النجوم التي رآهن يوسف، فسكت، فنزل جبريل عليه السّلام، فأخبره بذلك، فقال:

«إذا أخبرتك فهل تسلم؟». قال: نعم، قال: «جريان، والطارق، والذيال، وقابس، وعمودان والفيلق، والمصبح، والضروح، والفرع، ووثاب، وذو الكتفين، نزلن من السماء وسجدن له».

فقال اليهودي: إي والله إنها لأسماؤها!. {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ}: فهذا الكلام يحتمل وجهين:

أحدهما: أنها جملة كررت للتوكيد لما طال الفصل بالمفاعيل، والثاني: أن الكلام مستأنف، فهو بمنزلة جواب لسؤال مقدر، وإنما جمع الضمير جمع المذكر السالم مع أن المذكورات جمادات، فالجواب عند الخليل وسيبويه: أنه لما أخبر عن هذه الأشياء بالطاعة، والسجود، وهما من أفعال من يعقل عاملها معاملة من يعقل، والعرب تجمع ما لا يعقل جمع من يعقل إذا أنزلوه منزلته، وإن كان خارجا عن الأصل، وانظر ما ذكرته في الآية رقم [١٩٣] وما بعدها من سورة (الأعراف).

الإعراب: {إِذْ}: بدل من: {أَحْسَنَ الْقَصَصِ،} إن جعل مفعولا به بدل الاشتمال، أو هو منصوب بفعل محذوف، تقديره: اذكر، وعلقه الجمل بقوله: {قالَ يا بُنَيَّ..}. إلخ، ورجحه على غيره، وجوز تعليقه بالغافلين، وبالفعل {نَقُصُّ،} وأرجح اعتباره معمولا لفعل محذوف كما رأيت؛ لأن له نظائر كثيرة في كتاب الله تعالى، وهل هو ظرف، أو مفعول به للفعل المحذوف؟ قولان. وجملة: {قالَ يُوسُفُ} في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {لِأَبِيهِ}: متعلقان بالفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>