للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{السَّيِّئاتِ،} وانظر ما ذكرته في الاية رقم [٧٠] من سورة (الفرقان) كيف يكون تبديل السيئات حسنات. {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} أي: يضاعف له ثوابه أضعافا كثيرة كرما منه، وفضلا، والله ذو الفضل العظيم.

الإعراب: {ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب، لا محل له. {أَمْرُ:} خبره، وهو مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {أَنْزَلَهُ:} فعل ماض، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى (الله). {إِلَيْكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب حال من أمر الله، والرابط: الضمير فقط، وهي على تقدير: «قد» قبلها، والعامل اسم الإشارة مثل قوله تعالى: {هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ}. {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ..}.

إلخ إعراب هذه الجملة مثل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ..}. إلخ بلا فارق بينهما.

{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦)}

الشرح: {أَسْكِنُوهُنَّ} يعني: مطلقات نسائكم. {حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} أي: من سعتكم، وطاقتكم، فإن كان موسرا؛ يوسع عليها في المسكن، والنفقة، وإن كان فقيرا؛ فعلى قدر الطاقة؛ إذ الوجد: الوسع، والطاقة، ويقرأ بتثليث الواو، والمشهور الضم. {وَلا تُضآرُّوهُنَّ} أي:

لا تستعملوا معهن الضرار بأن تؤذوهن في الكلام. وعن أبي الضحى: هو أن يطلقها، فإذا بقي يومان من عدتها؛ راجعها، ثم طلقها. أقول: قد نهى الله عن ذلك بقوله في سورة (البقرة) رقم [٢٣٠]: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا} والاعتداء كان بالإلجاء إلى الافتداء، والتطليق، وهو فحوى: {لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}. وقال مجاهد: التضييق في المسكن. وقال مقاتل: هو في النفقة.

{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} أي: صاحبات حمل بمعنى: حوامل. {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ:} هذا بيان من الله عز وجل أن نفقة الحامل لا تسقط عن المطلق؛ حتى تضع الحامل حملها. {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} يعني: أولادكم. {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ:} يعني على إرضاعهن، وفيه دليل على أن اللبن؛ وإن كان قد خلق لمكان الولد؛ فهو ملك للأم، وإلا لم يكن لها أن تأخذ عليه أجرا، وفيه دليل على أن حق الرضاع، والنفقة على الأزواج في حق الأولاد، وهو صريح قوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٣٢]: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أي: وليقبل بعضكم من بعض ما أمره الله به من المعروف الجميل، والجميل منها: إرضاع الولد من غير أجرة، والجميل منه: توفير الأجرة لها للإرضاع. وقيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>