الشرح:{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ} أي: تهبط من كل سماء، ومن سدرة المنتهى، ومسكن جبريل على وسطها، فينزلون إلى الأرض، ويؤمنون على دعاء المؤمنين إلى وقت طلوع الفجر. وانظر شرح الملائكة في سورة (الجن) آخرها، فإنه جيد بحمد الله، وتوفيقه، {وَالرُّوحُ} يعني: جبريل عليه السّلام. قاله أكثر المفسرين، وفي حديث أنس-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إذا كانت ليلة القدر؛ نزل جبريل في كبكبة من الملائكة، يصلّون، ويسلّمون على كل عبد قائم، أو قاعد يذكر الله عز وجلّ». ذكره ابن الجوزي. وقيل: إن الروح طائفة من الملائكة، لا تراهم الملائكة إلاّ في تلك الليلة، ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر. وقيل: إن (الروح) ملك عظيم ينزل مع الملائكة في تلك الليلة. انتهى. خازن. وقيل:(الروح) الرحمة ينزل بها جبريل عليه السّلام مع الملائكة في ليلة القدر على أهلها، دليله قوله تعالى في سورة (النحل) رقم [٢]: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ} وانظر ما ذكرته في سورة (النبأ) رقم [٣٨] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك؛ حيث تجده من ذكره الخاص بعد العام. وفي سورة (النبأ) من ذكر العام بعد الخاص، هذا؛ و {تَنَزَّلُ} أصله: تتنزل حذفت منه تاء المضارعة، وهذا الحذف كثير في الآيات القرآنية وفي الكلام العربي. {فِيها} أي: في ليلة القدر. {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي: بأمر ربهم. {مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} أي: بكل أمر من الخير، والبركة، وبكل أمر قدره الله، وقضاه في تلك السنة إلى قابل. قاله ابن عباس-رضي الله عنهما-، وليس المراد: أن تقدير الله لا يحدث إلا في تلك الليلة؛ لأنه تعالى قدر المقادير في الأزل قبل خلق السموات، والأرض، بل المراد إظهار تلك المقادير للملائكة. وهذا تقدم من قول الحسين بن الفضل (سوق المقادير إلى المواقيت).
هذا؛ وروي: أنه إذا كانت ليلة القدر تنزل الملائكة، وهم سكان سدرة المنتهى، وجبريل عليه السّلام ومعه أربعة ألوية، فينصب لواء على قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولواء على ظهر بيت المقدس، ولواء على ظهر المسجد الحرام، ولواء على ظهر طور سيناء، ولا يدع بيتا فيه مؤمن ولا مؤمنة إلا دخله وسلم عليه، يقول: يا مؤمن! أو يا مؤمنة! السّلام يقرئكم السّلام؛ إلا على مدمن خمر، وقاطع رحم، وآكل لحم خنزير. انتهى. جمل.
الإعراب:{تَنَزَّلُ:} فعل مضارع. {الْمَلائِكَةُ:} فاعل. والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {وَالرُّوحُ:} الواو: حرف عطف. (الروح): معطوف على (الملائكة). {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وقيل: متعلقان بمحذوف حال من (الملائكة) ولا وجه.