ربي بلاغا. نقله مكي، والقرطبي بلفظ: قيل. {مِنَ اللهِ:} متعلقان ب: {بَلاغاً} أو بمحذوف صفة له. {وَرِسالاتِهِ:} معطوف على {بَلاغاً} منصوب مثله، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، والهاء في محل جر بالإضافة.
{وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَعْصِ:} فعل مضارع فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر، تقديره:«هو»، يعود إلى (من). {اللهِ:}
مفعول به، ويقال: منصوب على التعظيم. {وَرَسُولَهُ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {فَإِنَّ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنّ): حرف مشبه بالفعل. {اللهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) تقدم على اسمها. {نارَ:} اسم (إنّ) مؤخر، وهو مضاف، و {جَهَنَّمَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف، للعلمية، والعجمة. {خالِدِينَ:} حال من الضمير المجرور باللام، وقد روعي فيه معنى (من)، كما رأيت في الشرح، وفاعله مستتر فيه. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان ب: {خالِدِينَ}.
{أَبَداً:} ظرف زمان متعلق به أيضا، والجملة الاسمية:(إنّ له...) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. هذا؛ وقرئ بفتح همزة (أنّ) وعليه ف: (أنّ) واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: فجزاؤه الخلود في نار جهنم، مثل قوله تعالى في سورة (الأنفال) رقم [٤١]:
{فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ،} وقوله تعالى في سورة (الحج) رقم [٤]: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه كما رأيت في الآية رقم [١٤]. والجملة الاسمية:{وَمَنْ يَعْصِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ:} من العذاب، والهلاك في الدنيا، كوقعة بدر؛ التي أذلهم الله فيها، ونكس رؤوسهم، وأخمد شوكتهم. أو المراد: العذاب؛ الذي سيلاقونه في الآخرة في نار الجحيم. {فَسَيَعْلَمُونَ:} حينئذ علم اليقين، علما لا يشوبه شك، ولا ارتياب. {مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً:} معينا، ومساعدا. {وَأَقَلُّ عَدَداً:} وأقل رجالا، ونفرا، وجندا، هل هم، أم المؤمنون الموحدون؟! ولا شك: أن الله ناصر عباده المؤمنين، فهم الأقوى ناصرا، والأكثر عددا؛ لأن الله معهم وملائكته الأبرار. قال تعالى في سورة (غافر) رقم [٥١]: {إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ} وقال تعالى: {وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} رقم [٤٧] من سورة (الروم)، انظر شرحهما في محلهما؛ تجد: أن النصر مشروط بالإيمان الحقيقي، والكامل.