الشرح:{وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ} أي: ما كان الله ليوقع الضلالة في قلوب قوم بعد الهدى، {حَتّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ} فلا يمتثلون أوامره، فعند ذلك يستحقون الضلالة. {إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}: فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
تنبيه: لقد اختلف في سبب نزول الآية الكريمة على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها نزلت في جماعة من المسلمين، كانوا قد ماتوا قبل النهي عن الاستغفار للمشركين، فلما منعوا من ذلك، وقع في قلوب المؤمنين خوف على من مات على ذلك.
الثاني أنها نزلت فيمن شرب الخمر قبل علمه بالتحريم.
الثالث: أنها نزلت فيمن صلى إلى بيت المقدس زمنا، ولم يعلم بتحويل القبلة إلى الكعبة، وذلك أن قوما قدموا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسلموا قبل تحريم الخمر، وصرف القبلة إلى الكعبة، ورجعوا إلى قومهم، وهم على ذلك، ثم حرمت الخمر، وصرفت القبلة إلى الكعبة، ولا علم لهم بذلك، ثم قدموا بعد ذلك إلى المدينة، فوجدوا الخمر قد حرمت، والقبلة قد صرفت إلى الكعبة، فقالوا: يا رسول الله! قد كنت على دين، ونحن على غيره، ونحن على ضلال، فأنزل الله الآية الكريمة، والمعنى: ما كان الله ليبطل عمل قوم قد عملوا بالمنسوخ حتى يبين الناسخ.
انتهى. خازن بتصرف.
الإعراب:{وَما}: الواو: حرف عطف، أو استئناف، (ما): نافية. {كانَ}: ماض ناقص. {اللهُ}: اسمها. {لِيُضِلَّ}: مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد لام الجحود. والفاعل يعود إلى الله، {قَوْماً}: مفعول به. {بَعْدَ}: ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {إِذْ}: ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بإضافة {بَعْدَ} إليه. وقيل: هي بمعنى «أن» المصدرية. {هَداهُمْ}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف. والفاعل يعود إلى {اللهُ}.
والهاء: مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها على اعتبارها ظرفا، وعلى الوجه الثاني فيها تؤول مع الفعل بمصدر في محل جر بإضافة {بَعْدَ} إليه. التقدير: بعد هداية الله لهم، و «أن» المضمرة والفعل (يضل) في تأويل مصدر في محل جر بلام الجحود،