لا محل لها. وجملة:{وَيَضْرِبُ..}. إلخ معطوفة عليها لا محل لها مثلها، والجملة الاسمية {وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} مستأنفة، لا محل لها، والجار والمجرور {بِكُلِّ} متعلقان ب: {عَلِيمٌ} بعدهما والذي هو خبر المبتدأ، و (كل) مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه.
الشرح:{فِي بُيُوتٍ:} المراد به جميع المساجد. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-:
المساجد بيوت الله في الأرض، تضيء لأهل السماء، كما تضيء النجوم لأهل الأرض. وقيل:
المراد بالبيوت أربعة مساجد، لم يبنها إلا نبي:(الكعبة) بناها إبراهيم، وإسماعيل، وجعلاها قبلة، و (بيت المقدس) بناه داود، وسليمان، و (مسجد المدينة) و (مسجد قباء) بناهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعلى جميع الأنبياء، والمرسلين. والمعتمد الأول؛ لما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«من أحبّ الله؛ فليحبني، ومن أحبّني؛ فليحبّ أصحابي؛ ومن أحبّ أصحابي؛ فليحبّ القرآن، ومن أحبّ القرآن؛ فليحبّ المساجد، فإنها أفنية الله، وأبنيته، أذن الله في رفعها، وبارك فيها، ميمونة ميمون أهلها، محفوظة محفوظ أهلها، هم في صلاتهم، والله عز وجل في حوائجهم، هم في مساجدهم، والله من ورائهم». انتهى.
قرطبي بتصرف، والأحاديث المرغبة في لزوم المساجد كثيرة لا تعد، ولا تحصى.
{أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ:} أمر، وقضى، وحكم أن تبنى، وتشيد. قاله مجاهد، وعكرمة، ومنه قوله تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ..}. إلخ وقال صلّى الله عليه وسلّم:«من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله؛ بنى الله له بيتا في الجنّة». رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما عن عثمان بن عفان-رضي الله عنهما-وعن أبي ذر-رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة، بنى الله له بيتا في الجنة». رواه الطبراني في الصغير، وابن حبّان، والبزار، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بناء المساجد، وتشييدها من غير إسراف في زخرفتها.
وقال الحسن البصري، وغيره: معنى {تُرْفَعَ} تعظم، وتطهر من الأنجاس، والأقذار. هذا؛ وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أخرج أذى من المسجد؛ بنى الله له بيتا في الجنّة». رواه ابن ماجه. وعن أبي قرصافة-رضي الله عنه-أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول:«ابنوا المساجد، وأخرجوا القمامة منها، فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة». فقال رجل: يا رسول الله! وهذه المساجد التي تبنى في الطريق؟ قال:«نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين» رواه الطبراني في الكبير.
{وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} أي: بالتقديس، والتحميد، والتهليل، والتكبير، أو بقراءة القرآن الكريم، أو بالصلاة، والتسليم على سيد المرسلين، أو بمدارسة العلوم الشرعية على جميع