للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواعها، واختلاف فنونها. ويجب أن تجنب المساجد البيع، والشراء، وإنشاد الضائع، والجلوس فيها لحديث الدنيا، فإن ذلك يمحق الحسنات، ويضاعف السيئات، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من سمع رجلا ينشد ضالّة في المسجد؛ فليقل:

لا ردّها الله عليك، فإنّ المساجد لم تبن لهذا». رواه مسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وغيرهم، وعنه-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا رأيتم من يبيع، أو يبتاع في المسجد فقولوا:

لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالّة فقولوا: لا ردّها الله عليك». رواه الترمذي والنسائي وابن خزيمة والحاكم، وعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سيكون في آخر الزّمان قوم يكون حديثهم في مساجدهم، ليس لله فيهم حاجة».

رواه ابن حبّان في صحيحه. ولولا الإطالة لذكرت لك الكثير من هذا.

وأما تناشد الأشعار في المسجد فاختلف في ذلك، فمن مانع مطلقا، ومن مجيز مطلقا، والأولى التفصيل، وهو أن ينظر إلى الشعر، فإن كان مما يقتضي الثناء على الله عز وجل، أو على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، أو الذب عنهما، كما في شعر حسان-رضي الله عنه-، أو يتضمن الحض على الخير والوعظ، والزهد في الدنيا، والتقلل منها؛ فهو حسن في المساجد، وغيرها كقول أبي العتاهية: [الكامل]

أقم الصّلاة لوقتها بشروطها... فمن الضّلال تفاوت الميقات

وإذا اتّسعت برزق ربّك فاجعلن... منه الأجلّ لأوجه الصدقات

في الأقربين وفي الأباعد تارة... إنّ الزكاة قرينة الصّلوات

وللشافعي-رضي الله عنه-أشعار في الحكمة لا بأس بإنشادها حتى في مجالس الوعظ والإرشاد، كالذي ذكرته في الآية رقم [٣٢] من سورة (الإسراء). وأما الشعر المشتمل على المجون، والكذب، والتزين بالباطل، والمدح الكاذب، فلا يجوز إنشاده في المسجد، ولا في غيره، فعن عائشة-رضي الله عنها-. قالت: ذكر الشعراء عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «هو كلام حسنة حسن، وقبيحه قبيح». وأما النوم في المسجد فإنه مكروه إلا للغرباء، الذين لا بيوت لهم، فهو جائز.

وعن فاطمة الزهراء-رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله: صلّى الله عليه وسلّم إذا دخل المسجد؛ قال:

«باسم الله، والسّلام على رسول الله. اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك». وإذا خرج؛ قال: «باسم الله، والسّلام على رسول الله. اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك وفضلك». رواه ابن ماجه. وعن أبي قتادة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إذا دخل أحدكم المسجد؛ فليركع ركعتين قبل أن يجلس». رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>