للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلية جواب (لو)، لا محلّ لها، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف، لا محلّ له. {فِي الْأَرْضِ:}

متعلقان بما بعدهما، وجملة: {يَخْلُفُونَ} في محل نصب صفة: {مَلائِكَةً}.

{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاِتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)}

الشرح: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ:} قال الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير: يريد: القرآن؛ لأنّه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تعلم الساعة، وأهوالها، وأحوالها. وقال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، والسدي، وقتادة في قول له آخر: إنه خروج عيسى عليه السّلام، وذلك من أعلام الساعة؛ لأنّ الله ينزله من السماء قبيل قيام الساعة، كما أنّ خروج الدجال من أعلام الساعة. هذا؛ وقرئ: «(لعلم للساعة)» بفتح اللام، والعين؛ أي: أمارة، وعلامة. {فَلا تَمْتَرُنَّ بِها:} فلا تشكن فيها، وإعلاله مثل إعلال: (ليقولن) في الآية رقم [٩]. {وَاتَّبِعُونِ} أي:

واتبعوا هداي، أو شرعي، أو رسولي. وقيل: هو قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم أمر أن يقوله. {هذا صِراطٌ:} طريق. {مُسْتَقِيمٌ:} قويم إلى الله لا اعوجاج فيه، لا يضل سالكه، وإعلاله مثل إعلال (مقيم) في الآية رقم [٤٥] من سورة (الشورى).

تنبيه: (الساعة): القيامة، سميت بذلك؛ لأنها تفجأ الناس بغتة في ساعة لا يعلمها إلاّ الله تبارك وتعالى. وقيل: سميت: ساعة لسرعة الحساب فيها؛ لأنّ حساب الخلائق يوم القيامة، يكون في ساعة، أو أقل من ذلك، قال تعالى في كثير من الآيات: {فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ}.

ولا تنس: أن ساعة كل إنسان، وقيامته وقت مقدمات موته، وما فيه من أهوال، ولذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من مات فقد قامت قيامته». وقيل: سميت الساعة بذلك؛ لأنّها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا، وقد ثبت أن لقيام الساعة علامات، وهي صغرى وكبرى، فالصغرى قد ظهر جميعها، كقبض العلم الشرعي، وتقارب الزمان، وفيض المال، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتطاول البدو في البنيان، وكثرة الفجور، والفسوق، وغير ذلك ما هو واقع، ومشاهد الآن.

أمّا العلامات الكبرى فخذها بما يلي: فعن حذيفة بن أسيد الغفاري-رضي الله عنه-قال:

طلع علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ما تذاكرون؟ قالوا: نتذاكر الساعة، قال: «إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم». أخرجه مسلم.

أقول: ما ذكر في الحديث الشريف، بعضه من علاماتها، وبعضه من مبادئها، كخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، فعند ذلك يغلق باب التوبة، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن

<<  <  ج: ص:  >  >>