للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {مالِكِ:} يجوز فيه الجر، والرفع، والنصب كما في البسملة، فالنصب على الحال، أو على النداء، وعلى المدح بفعل محذوف، وعلى النعت ل‍ {رَبِّ} على قول من نصبه، قاله مكي. كما في الأسماء السابقة، و {مالِكِ} مضاف و {يَوْمِ} مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و {يَوْمِ} مضاف و {الدِّينِ} مضاف إليه، هذا وقيل:

إنّ إضافة {مالِكِ} ل‍ {يَوْمِ} من إضافة اسم الفاعل للظرف، ومفعوله محذوف، التقدير: مالك الأمر كله يوم الدين.

{إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)}

الشرح: {نَعْبُدُ:} العبادة: غاية التذلل، ولا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولذلك يحرم السجود لغير الله تعالى، وقيل: العبودية أربعة: الوفاء بالعهود، والرضا بالموجود، والحفظ للحدود، والصبر على المفقود. والاستعانة: طلب المعونة من الله تعالى على أمور الدنيا، والآخرة، وإنّما قدم: {إِيّاكَ نَعْبُدُ} على ({إِيّاكَ نَسْتَعِينُ}) لأن العبادة لله هي المقصودة، والاستعانة وسيلة إليها، والأصل أن يقدم ما هو الأهم، فالأهم، وقدم المفعول في الجملتين للاهتمام والحصر؛ إذ المعنى: لا نعبد إلا إيّاك، ولا نستعين إلا بك، وهذا هو كمال الطاعة، والدّين يرجع كلّه إلى هذين المعنيين، فالأول: تبرؤ من الشرك، والثاني: تبرؤ من الحول، والقوة، وتفويض إلى الله عز وجل، هذا وأصل {نَسْتَعِينُ:} نستعون، وإعلاله مثل إعلال {الْمُسْتَقِيمَ} في الآية التالية، ومصدره: استعانة، والأصل: استعوان، فقل في إعلاله:

اجتمع معنا حرف صحيح ساكن، وحرف علّة متحرك، والحرف الصحيح أولى بالحركة من حرف العلة، فنقلت حركة الواو إلى العين، وتحركت الواو بحسب الأصل، وانفتح ما قبلها بحسب الحال، فقلبت ألفا، فاجتمع ألفان: الألف المنقلبة، وألف الاستفعال، فحذفت ألف الاستفعال لالتقاء الساكنين، وعوض عنها التاء في الآخر، وقد يستغنى عن هذه التاء في حال الإضافة، منه قوله تعالى: {رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ} أي: إقامتها.

والإعلال المتقدم إنما هو إعلال بالنقل، والقلب، والحذف معا، ومثل هذا المصدر قولك:

استعاذ استعاذة، واستقام استقامة.

والضمير بالفعلين إنما هو لجماعة المتكلّمين، والمراد: جميع الموحّدين المصلّين، ففيه إيحاء إلى أداء الصلاة في الجماعة، يدرج المصلي عبادته في تضاعيف صلاة إخوانه المؤمنين لعلّها تقبل ببركتهم، فكأنّ المصلّي يقول: إلهي! عبادتي مشوبة بأنواع التقصير، لكنها مخلوطة بعبادة جميع العابدين، فاقبلها مني ببركة خلّص عبادك المؤمنين، فيا خسارة المهملين لصلاة الجماعة، كيف لا والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: «صلاة الرجل في الجماعة تضعّف على صلاته في بيته

<<  <  ج: ص:  >  >>