للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأعيان. وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها أكثر أموالهم. وقال الجوهري:

ذكر بعضهم: أن المال يؤنث، وأنشد لحسّان-رضي الله عنه-: [البسيط]

المال تذري بأقوام ذوي حسب... وقد تسوّد غير السّيّد المال

وعن الفضل الضبي: المال عند العرب الصامت والناطق، فالصامت: الذهب، والفضة، والجواهر. والناطق: هو البعير، والبقرة، والشاة، فإذا قلت عن حضري: كثر ماله؛ فهو الصامت، وإذا قلت عن بدوي: كثر ماله؛ فالمراد: الناطق. والنشب: المال الثابت، كالضياع، ونحوها، فلا يقال للمنقول من المال المذكور آنفا، قال عمرو بن معديكرب الزبيدي-رضي الله عنه-: [البسيط]

أمرتك الخير فافعل ما أمرت به... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

هذا؛ والنفير: فعيل بمعنى: فاعل من نفر، ينفر: إذا خرج مع قومه للحرب، ونحوه، وهم اسم جمع مثل: نفر، ورهط. وقيل: هو جمع: نفر مثل: عبد، وعبيد. هذا؛ والنفير أيضا مصدر، يقال: نفرت الدابة، تنفر نفورا، ونفارا، ونفيرا من كذا، بمعنى: تباعدت. وانظر شرح: {ثُمَّ} في الآية رقم [٥٣] من سورة (النحل). هذا؛ ولا تنس: أن الأفعال الثلاثة بمعنى: المضارع، وضعت موضع المستقبل لتحققه عبر عنها بالماضي، وهو مستعمل في القرآن الكريم بكثرة.

الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {رَدَدْنا:} ماض، وفاعله. {لَكُمُ:} متعلقان بما قبلهما.

{الْكَرَّةَ:} مفعول به. {عَلَيْهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وأجيز تعليقهما بالكرة، أو بمحذوف حال منها، والجملة الفعلية معطوفة على جواب (إذا) وهو جملة: {بَعَثْنا..}. إلخ، والجملتان بعدها معطوفتان عليها، لا محل لهما مثلها. {نَفِيراً:} تمييز.

{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً (٧)}

الشرح: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ} أي: العمل، وعملتم بطاعة الله تعالى. {أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} أي:

لها ثوابها، وجزاء إحسانها. {وَإِنْ أَسَأْتُمْ} أي: العمل، وعملتم بمعاصي الله تعالى. {فَلَها} أي: فعليها وبال إساءتها، فاللام الجارة بمعنى: «على» وهو مستعمل في الكلام العربي، نثره، وشعره، ثم هذا الكلام يحتمل أن يكون لبني إسرائيل في ذلك الوقت، ويكون على إرادة القول، ويحتمل أن يكون خطابا لليهود في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأن يكون خطابا لمشركي قريش. تأمل.

{فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي: وعد عقوبة المرة الثانية من إفسادهم. {لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ} أي:

بعثنا عليكم عدوّا آخر، فيجعل وجوهكم حزينة، باديا عليها أثر المساءة، وقرئ: «(ليسوء)»،

<<  <  ج: ص:  >  >>