الإعراب:{وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. ({لَوْ}): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.
{أَنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه. {آمَنُوا:} فعل ماض وفاعله، والألف للتفريق، والمتعلق محذوف، انظر الشرح، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (أنّ)، والتي بعدها معطوفة عليها، فهي في محل رفع مثلها، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع. وفيه قولان: أحدهما: وهو قول سيبويه: أنه في محل رفع بالابتداء، وخبره محذوف، التقدير: ولو إيمانهم ثابت، والثاني: وهو قول المبرّد في أنه في محل رفع بالفاعلية، رافعه محذوف، تقديره:
ولو ثبت، أو حصل إيمانهم، وقول المبرد هو المرجح؛ لأن «لو» لا يليها إلا فعل ظاهر، أو مقدّر، والفعل المقدر وفاعله جملة فعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، هذا؛ وقال البيضاوي، والنسفي تبعا للزمخشري: والمعنى: لأثيبوا من عند الله ما هو خير، وأوثرت الجملة الاسمية على الفعلية في جواب (لو) لما فيها من الدلالة على ثبات المثوبة، واستقرارها، وهذا يعني: أن الجملة الاسمية الآتية هي جواب (لو) وهو مفاد كلام أبي البقاء أيضا، وقال الجلال: جواب ({لَوْ}) محذوف دل عليه: {لَمَثُوبَةٌ،} واللام جواب قسم محذوف، ثم ابتدأ لمثوبة من عند الله خير، وتكون الجملة جواب القسم المقدر.
وقال ابن هشام في المغني: والأولى أن يقدر الجواب محذوفا، أي: لكان خيرا لهم، أو أن يقدر ({لَوْ}) بمنزلة (ليت) في إفادة التمني، فلا تحتاج إلى جواب. أقول: وتبقى الجملة الاسمية جواب القسم المقدر، وتكون الجملة القسمية مستأنفة لا محل لها.
{مِنْ عِنْدِ:} متعلقان ب (مثوبة) أو بمحذوف صفة لها، و (عند) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {خَيْرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية جواب ({لَوْ})، و ({لَوْ}) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له من الإعراب. {لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ:} انظر إعراب هذا الكلام في الآية السابقة، وجواب {لَوْ} محذوف تقديره مع تقدير المفعول كما يلي: لو كانوا يعلمون: أنه خير؛ لما آثروه.
الشرح: سبب نزول هذه الآية: أن المسلمين كانوا يقولون: راعنا يا رسول الله! من المراعاة، أي: أرعنا سمعك، وفرّغه لكلامنا، وكانت هذه اللّفظة سبّا قبيحا بلغة اليهود اللؤماء، ومعناها عندهم: اسمع، لا سمعت. وقيل: من الرعونة، فإذا أرادوا أن يحمّقوا إنسانا؛ قالوا:
راعنا، يعني: أحمق، فلمّا سمعت اليهود هذه الكلمة من المسلمين، قالوا فيما بينهم: كنا نسبّ محمدا سرّا، فأعلنوا به الآن، فكانوا يأتونه، ويقولون: راعنا يا محمد! ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ-رضي الله عنه-ففطن لها، وكان يعرف لغتهم، فقال لليهود: لئن سمعتها